مصير أولادنا والاجيال القادمة على المحك/ منعم حلبي

عملية السطو الإجرامية المسلحة التي حدثت في دالية الكرمل هذا الأسبوع، على محل مجوهرات، يجب ان تضيء الضوء الأحمر أمام الجميع: كفانا محاباة، تسترًا، محاولات لإخفاء الواقع الذي نعيشه.
سياسة التستر على ما يحدث، هي ظاهرة بارزة في مجتمعنا، تبدأ في الروضات والمدارس، بحيث التستر على ظواهر العنف والمشاكل التي تحدث بين أروقة هذه المؤسسات التربوية، تمتد لكافة المؤسسات الأخرى، خاصة السياسية-المجلس المحلي- هناك ظاهرة التستر وعكس الواقع هي سياسة مُبرمجة، لأجل تصوير واقع خيالي، مثالي، يُظهر وكأننا نعيش في جنة على الأرض، وتأتي مثل هذه الأحداث التي لم يشهدها مجتمعنا في سنوات غابرة، لتصفعنا جميعًا.
السؤال: هل سيُحرك هذا الحدث الإجرامي المسؤولين؟!.
مع ان الإجابة معروفة لي ضمنًا-وهي لا- لا بُد لي أن أصمم على المطالبة بإجراء اجتماع جماهيري واسع، مكوّن من شيوخ ورجال ونساء مجتمع يهمهم مستقبل بلدهم وأولادهم، بعيدًا عن الاعتبارات السياسية والشخصية.

هذا الاجتماع يجب ان يتحدث عن الواقع، وان يأتي بحلول، من خلال إقامة لجنة شعبية مصغرة، مهنية.

ما حدث صبيحة يوم الثلاثاء كان بإمكانه ان ينتهي بفاجعة اكبر، بحيث حمل المُجرمون أسلحة، اطلقوا من خلالها النارَ في الهواء، تحذيرًا لكل مواطن، لئلا يقترب من مكان الحدث.
كيف يمكن السكوت بعد ذلك عما يحدث؟!.
يقول علماءُ النفسِ، إن حل المشاكل متعلق بالاعتراف بها.
لذلك، علينا أن نعترف اننا مجتمعٌ "مريض"، بحاجة ل"عملية جراحية" لإشفائه.
نحن نرى الواقعَ على الشارع، بحيث تصرفات سائقي التراكتورونات والدراجات الكهربائية، الذين يخطّرون أنفسهم والمارة والسائقين، ولا نفعل شيئًا.
نرى تصرف بعض أصحاب المصالح، الذين يقومون بوضع بضائعهم على ممرات المشاة، يعطّلون ويشوّشون حركة السير وحياة المارة، ولا نفعل شيئًا.
نرى تصرف بعض من الشباب على الشوارع، بحيث يدخنون السجائر وغيرها، ولا نفعل شيئًا. نسمع عن تصرف بعض طلاب المدارس، من حيث العنف ضد المعلمين والمديرين، التدخين داخل المدارس وبعد من تصرفات، ولا نفعل شيئًا.
نرى تدهور الأوضاع الاجتماعية، ولا نفعل شيئًا.
نرى نتائج البجروت الحقيقية، نسبة الطلاق الآخذة بالارتفاع، ولا نفعل شيئًا.
والآن، نرى دخول ظاهرة الخاوة لمجتمعنا، التي تهدد كياننا، ولا نفعل شيئًا.
سُلبت أراضينا، من قبل السلطات المحلية والقطرية، دُمرت أحوالنا الاقتصادية، ولم نفعل شيئًا.
وبعدين؟؟؟!!.
قُتل شاب رميًا بالرصاص قبل فترة في دالية الكرمل وأكملنا الحياة وكأن شيئًا لم يحدث!!.
همنا الأول: التنزه وإظهار الصور بدءًا من وصولنا للمطار...إظهار صورنا في الأعراس...ونحن نتناول وجبات الإفطار والظهيرة والمساء في المطاعم...صور السيارات التي نقوم باقتنائها ب"فضل" القروضات من البنوك!.
هذا هو حالنا. هذا الوضع لن يتغيّر، إلّا اذا اعترفنا بوصولنا للحضيض.
يجب علينا ان ننفض الغبار عن واقعنا، ليتجلى الواقع الحقيقي الذي نعيشه: يجب ان نتخلى عن التفكير في المصالح الشخصية، الضيقة، وان نعي جيدًا، ان مصير أولادنا والاجيال القادمة على المحك!.
علينا انقاذهم الان!.