القيادة ليست مجرد لقب أو موقع اجتماعي مرموق يتم الحصول عليه بالانتخاب أو التعيين. إنها أمانة ومسؤولية ثقيلة على عاتق كل من يتولاها، سواء كان رئيس مجلس، مدير مدرسة، أو صاحب شركة. في قلب هذه المسؤولية تكمن الأخلاقيات، فهي الأساس الذي تبنى عليه كل قرارات القائد وتفاعلاته مع من حوله. ولكن، عندما يغيب القائد عن تمثيل القيم الأخلاقية والقدوة الحسنة، فإن القيادة تتحول إلى عبءٍ على المجتمع والمؤسسة التي يرأسها، وتصبح أشبه بسفينة تائهة بلا بوصلة.
القائد الحقيقي هو الذي يفهم أن نجاحه لا يعتمد فقط على ما يأمر به أو ينهى عنه، بل على كيفية إلهامه لمن حوله. الأخلاقيات هي المعيار الأول الذي يجب أن يقيس به القائد أفعاله وتصرفاته. فهي التي تجعل من القائد شخصًا يحترمه الجميع ويثقون به، وتُضفي على قراراته نوعًا من الشرعية التي لا يمكن اكتسابها بالقوة أو السلطة. في غياب الأخلاق، يصبح المنصب مجرد غطاء للأنانية والتعسف، وتتحول المؤسسة إلى بيئة يسودها الفساد والتراجع.
من المؤسف أن نرى بعض المسؤولين، سواء كانوا في مواقع السلطة العامة أو في القطاع الخاص، يخفقون في أن يكونوا قدوة حسنة. هؤلاء المسؤولون قد يمتلكون القوة أو النفوذ، لكنهم يفتقدون إلى العنصر الأهم: الأخلاق. وفي نهاية المطاف، مهما بدت نجاحاتهم قصيرة الأمد، فإنهم يقودون مؤسساتهم إلى الفشل، لأن القيادة التي لا ترتكز على مبادئ النزاهة والعدالة هي قيادة جوفاء.
إن القائد الذي يتجاهل الأخلاقيات، ويغفل عن دوره كقدوة، يرسل رسالة سلبية لكل من يتبعه. عندما يرى الناس قائدهم يتصرف بأنانية أو ظلم، فإنهم يفقدون الثقة في المؤسسة ككل. وما هو أسوأ من ذلك، أن هذا التصرف غير الأخلاقي ينتقل كعدوى، فيبدأ من تحته في تقليده، مما يؤدي إلى تدهور عام في معايير السلوك والأداء داخل المؤسسة.
إن المجتمع أو المؤسسة لا تحتاج إلى قادة يكتفون بإصدار الأوامر والتوجيهات، بل إلى من يلهم الناس بقدوته وأفعاله الأخلاقية. القائد الذي يقود بالأخلاق يخلق بيئة من الثقة، حيث يشعر الجميع بأنهم جزء من نجاح مشترك، وحيث يتم تقدير النزاهة والشفافية قبل أي شيء آخر. وبهذه الطريقة، تصبح القيادة ليست فقط وسيلة لتحقيق الأهداف، بل أيضًا لبناء مجتمع أو مؤسسة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون.
في النهاية، القيادة دون أخلاقيات وقدوة حسنة هي فشل حتمي. فالسلطة دون أخلاق تفقد قوتها، والقائد دون قدوة يُفقد احترامه".
اخوكم
وسيم زيدان