ليس هكذا تورد إبل النضالات منعم حلبي

منذ حوالي 30 عامًا قررتُ خوض عالم الصحافة لعدة اهداف، أهمها نصرة المظلوم والضعيف ومتابعة قضايا اهلي ومجتمعي الشائكة، على رأسها موضوع الأرض والمسكن، بحيث صادرت الدولة لقرانا حوالي 78% من أراضي اجدادنا وما زالت تمارس السياسة العنصرية الجارفة ضدنا، من اجل تهجيرنا يومًا ما من بيوتنا وقرانا واراضينا. خلال فترة عملي، قمتُ بتغطية العديد من المظاهرات والنضالات، بدءًا من هضبة الجولان، مرورًا بالجليل الأعلى، وصولًا للكرمل. أعتبر نفسي سفيرًا لدى مجتمعي، أقدّس مهنتي ورسالتي هذه حتى النهاية.
تماشيًا مع هذه الرسالة المقدسة، أتابع منذ عام مسيرة "خيمة الاعتصام" التي وُلدت في عسفيا. هذه الخيمة، وليدة فكرة بعض المواطنين من عسفيا، وضعت نُصب اعينها قضية الأرض والمسكن: سياسة الدولة العنصرية ضدنا، الغرامات واوامر الهدم ضد شبابنا، التضييق على قرانا من اجل خنقنا.
برغم ان لدي العديد من الانتقادات على الطريق، واصلتُ في متابعة وتغطية فعاليات هذه المجموعة، ايمانًا مني بصدق نواياها، ولأنني اؤمن ان النضال هو حق لأجل تحصيل حقوقنا المهضومة يومًا ما.
استمرارًا للتغطية المستمرة، قمتُ بالأمس بتغطية الحدث الذي كان من المفروض ان يكون "تاريخيًا"، كما صرح اكثر من مرة صاحب الفكرة صالح أبو ركن.
مع الأسف، كان الحضور ضئيلًا للغاية، بعكس التوقعات وكانت خيبة الأمل كبيرة ليس من الكم فقط.
كمية المشاركين في النضالات لم تكن يومًا في مجتمعنا كبيرة لعدة أسباب لا يسعها الورق ولا الديجيتال....لكني ساختصر هنا وسأعطي رأيي بحدث الأمس وحيثياته:
أولًا، اختيار التوقيت كان خاطئًا: نحن نعيش فترة حرب إقليمية، الأوضاع متوترة، النفوس غير جاهزة للمشاركة في مثل هذه النضالات.
ثانيًا: اختيار المكان كان في غير محله، بين الدالية وعسفيا، مع صعوبة الوصول اليه. يجب جعل النضال مرئيًا امام الجميع!.
ثالثًا، يبدو أن التخطيط فردويًا، دون استشارة جماعية مُسبقة.
رابعًا، الطلب بعدم حضور النساء وهن نصف المجتمع هو طلب غير مفهوم البتة!.
خامسًا، يبدو انه توجد عدم ثقة من قبل عدة قطاعات في الطائفة بقيادة هذا النضال.
بصدد المضمون: بعض الخطابات كانت ممتازة، خاصة التي استندت على معطيات صارخة تؤكد مدى عنصرية واجحاف الدولة ضد الطائفة الدرزية على مدار 75 عامًا.

ولكن، يبدو ووفق الحضور، ان فئة معيّنة تم دعوتها وفئة أخرى في الطائفة لا.
النضال بحاجة لوحدة صف، وما حدث بالأمس سيؤدي لعكس ذلك تمامًا.
لنتعلم من الشعب اليهودي، كيف يتكتل عند الشدائد، وكيف يضعون الاختلافات جانبًا.
أخيرًا أقول، انني والحضور توقعنا مسك ختام نضالي ناري من قبل المبادر لهذا الاجتماع، ولكن مع الأسف ما حدث اننا استمعنا الى خطاب في غير محله، لا من ناحية مضمون ولا من ناحية رسالة.
ليس هكذا تورد الإبل!.
اعتقد، انه يجب على القيّمين وجراء اجتماع الأمس استخلاص العبر وتغيير النهج.
هذا النضال الحق والمصيري بحاجة لتغيير جذري: يجب ان نركّز على هدف واحد ووحيد وهو النضال من اجل المساواة، من اجل
ان نفرض على الحكومة تغيير سياستها تجاهنا، خاصة في قضية التخطيط والبناء، الأرض والمسكن.
إما الغاء كافة أوامر الهدم والغرامات، واما تصعيد النضال!.
هذه هي الغاية الوحيدة، لا غاية أخرى امامنا!.

نضالنا ضد سياسة الدولة وليس ضد بعضنا البعض!!!