kolanas - 2021-01-08 15:32:21 -
كما يبدو، نمر في الآونة الأخيرة كمجتمع عربي في إسرائيل بتحولات جذرية، يجب التوقف عندها ومحاولة تفكيكها وفهمها لكي نستوعبها ومن ثم نتصدى لها. تلتئم جائحة الكورونا مع جائحة العنف والاجرام في مجتمعنا، تغذي الواحدة الأخرى لتكون نتيجتها اليأس والاحباط والاحساس العارم باليتم والنقمة.
نقمة كانت تُسلط تاريخياً اتجاه الدولة ومؤسساتها، وتوجه هذه المرة بمعظمها اتجاه المشتركة والقيادات العربية. قسم منها ناتج جراء إخفاقات واخطاء ارتكبتها القيادات وقسم آخر هي اسقاطات لا توجد للمشتركة بها لا ناقة ولا جمل. تترجم هذه النقمة بالأرقام، فتؤدي لهبوط المشتركة الى 11 عضو برلمان، وتصويت، مستهجن، لليكود برئاسة النتن يشكل 1.8 من أعضاء البرلمان، وتجند 1000 عربي (مسلم ومسيحي) للجيش، رقم قياسي، يشكل ضعف العدد في السنة الماضية.
سوف أحاول هنا، ومن خلال مشاهداتي وترقبي للأمور ومن خلال حوارات أجريها مع طلابي في الجامعة والكلية، سوف أحاول وضع النقاط على الحروف، وتفكيك الامور والغوص في اعماقها، كمشاركة في فهم الأوضاع وتسليط الأضواء على مكامن العلل والاوجاع.
1- على مر السنين حصلت تطورات على المجتمع العربي، اجتماعياً وسياسياً، لم نرصدها فتفاقمت وسوف تتفجر لتهز اركاننا. هنالك ازمة هوية أدت الى تفكك الاطر الاجتماعية التقليدية ولم تُبنَ بدلا عنها بدائل قويمة وصحيحة، فامتصت هذا الضياع الأطر الدينية من جهة، وذهب بعضها الى نواحي العنف والاجرام من الجهة الأخرى. تغاضت مؤسسات الدولة عن هذا العنف، او لربما داعبته واعتنت به، ليتفاقم ويصبح مسيطراً تماماً على مجتمعنا. واليوم يعيش افراد المجتمع تحت كابوس هذا العنف، والاغلبية العظمى تتوق للخروج من هذا الكابوس ومستعدة لدعم "الشيطان" الذي يستطيع فرض الامن والأمان في البلدات العربية.
2- على مر السنين حصلت عملية أسرله، ليس بالضرورة بالمنظور السلبي المتلازم لهذا المصطلح، حيث ان الأجيال الصاعدة وُلدت وتعيش في جو إسرائيلي لا تعرف غيره، وتريد الانخراط به من اجل العيش ببعض من كرامة، ومن اجل تحقيق الذات على الصعيد الشخصي-الاجتماعي. هذه الأجيال ملت الشعارات، وملت حتى النضالات الحقة من اجل نيل الحقوق، هي تريد تحقيق بعض هذه الحقوق والإنجازات حتى عن طريق تحالفات مع "الشيطان". هذه البراغماتية تتناغم وتتلاءم مع "النهج" الجديد الذي يقترحه عباس.
3- صادفت الأمور، أو ساءبت الأمور، كما يقول اللبنانيون، ان تحدث هذه السيرورات وهذه التحولات على عهد المشتركة، فتكون هي بمثابة كيس اللكمات (ترجمة حرفية من العبرية)، وليُسقط عليها الناس كل الإخفاقات والاحباطات والمصائب التي تواجههم في هذه الآونة العصيبة. قسم من هذه الانتقادات واللوم على المشتركة بحق وحقيق، وناتج عن أخطاء صغيرة واخرى وخيمة ارتكبتها قيادات وأعضاء المشتركة، لكن قسمًا منها يوجه اليها بدون "شبق ولا عبق"، ومن هذا المنطلق القيادات العربية تتواجد في هذه الحقبة الحساسة في موقف لا تحسد عليه، حيث يتوقع منها البعض ما لا تقدر القيام به، او يلومها بسبب اخفاق السلطة واذرعها حيث يرى بها المسؤولة عن حماية مصالح العرب.
4- بنت المشتركة، خاصة في جولة الانتخابات الأخيرة، جوًا وسقفًا من التوقعات العالية واوهمت الناخبين العرب انها يمكن ان تقلب موازين القوى وقلب الأمور رأساً عقب، فقط إذا خرجوا الى صناديق الاقتراع واعطوها الثقة. خرجت اعلى نسبة من المصوتين العرب الى الصناديق، وحصل "انتصار" لا سابقة له، بحوز المشتركة على 15 مقعداً. في الواقع هذا الإنجاز العظيم لم يُحدث أي تغيير على ارض الواقع-وليس بالضرورة بسبب تصرفات المشتركة، بل بسبب تصرفات حزب الأبيض والازرق-فخابت آمال الجماهير العربية، بل اعتبر ذلك بعضهم بالخدعة، وبيعهم الأوهام، خاصة بكل ما يتعلق بالوعود بالنسبة لاقتلاع ظاهرة العنف.
5- حادثة هزت كيان المشتركة وزعزعت ثقة بعض المصوتين بها، وسوف تدفع ثمنها، هي قضية التصويت على قانون المتعلق بالمثليين. انقسمت المشتركة من مؤيدين، الجبهة، ممتنعين، التجمع والعربية للتغيير، ومعارضين الاسلامية. عكس هذا الاختلاف القائم في المجتمع، لكن المحافظين والمتدينين، لا يقرون بهذا الاختلاف ولا يقبلوه مما سوف يؤدي بهم لمعاقبة كل أجزاء المشتركة مجتمعةً.
6- القشة التي قسمت ظهر الجمل بالنسبة لشريحة من الناس، بالأخص الجامعيين، هو عدم حضور كل أعضاء المشتركة للتصويت على قانون تخفيض القسط الجامعي في زمن الكورونا. واضح ان حضورهم، لم يكن يغيّر ولا يبدل، لكن هذا الغياب والتغيب اعتُبر عند البعض بالاستهتار بهم، والتعامل معهم كسائر الأحزاب، والاهتمام بهم فقط يوم الانتخابات. ذلك الخطأ الجسيم صب في خطاب الصحافة العبرية المغرض، التي تصوّر أعضاء البرلمان العرب كغير مباليين بالمواطن العربي وهمومه، والاهتمام بالشأن الفلسطيني. خطاب اثبتت مغالطته، حيث تُبين الأرقام ان حوالي 90% من اهتمام النواب العرب في قضايا عربية حياتية. لكن الخطاب في هذه الحالة هو الغالب والمسيطر رغم الحقيقة والحقائق.
7- هذا الوضع البائس الذي نمر به كمجتمع عربي، وهذا الإحباط من أداء المشتركة، يؤدي بالبعض الى اليأس بل الإحساس باليتم، فالسلطة من جهة تتنكر لنا ولجودنا من جهة, ولا المشتركة تقدر حمايتنا من جهة اخرى. هذا اليأس والإحباط سوف يؤدي بالبعض، عدم المشاركة في الانتخابات القادمة، لكن والأخطر والمستهجن انه سوف يؤدي بالبعض التصويت الى اليمين، وبالتحديد الى الليكود والنتن. تلك خطوة مفاجئة، اعترف انه يتعذر علي فهمها وفهم أسبابها، لكن كما فادني بعض من سمعته في الموضوع يقال انها خطوة يأس وافلاس ولربما انتقام من المشتركة، وهنالك ايضاً من يقول ان هذه الشريحة "تترتح بحبال الهوا" وينشدون انقاذهم من نتنياهو بكونه صاحب القرار و"السلطان" الأوحد في السنوات الطويلة الماضية. أنا اعتبر هذه الخطوة، انتحارية من أناس دب بهم اليأس والوهن، او كما يقول اريك فروم: هي ظاهرة حب الموت!
لمحاولة الاجمال أقول: نمر في ظرف دقيق بل اشكالي جداً. عندما كان الخطر خارجيًا، من المؤسسة اتجاهنا لاسباب سياسية وامنية، كان يمكن التصدي له، لكن في هذه الحالة السوس منا وفينا وينخر في جنباتنا. القيادة، بهيئة المشتركة، تتحمل قسطًا من المسؤولية، لكن يبدو ان هنالك نزع ثقة من الجماهير في القيادات الحالية، ومن الأساليب النضالية التي تعود على نفسها-ذلك لا يعني ان الذي يطرحه عباس يخرجنا من الازمة بل بالعكس. على الأمد البعيد يجب احداث تغيير جذري في القيادات وضخ دماء جديدة شابة، والتفتيش عن أساليب جديدة. في الظرف الحالي بنظري يجب فك المشتركة كونها لم تعد تشكل اغراء للمصوتين لحصاد رقم النواب كما في الجولة الماضية، والنزول للانتخابات بجسمين أكثر تجانساً. كذا يجب التحدث مع الجماهير بشفافية وصدق، والاعتراف بمحدودية إمكانيات النواب العرب في البرلمان، وكذا اخفاض سقف التوقعات منهم. يجب العمل على خطة مدروسة, لشرح الواقع, ومسؤولية المؤسسة الحاكمة, وبالأخص, النتن بخلقه وترسيخه, لعل يمكن ردع بعض من سولت لهم نفوسهم التصويت لجلاديهم.
التعليقات
مجتمعنا يعيش في حرب استنزاف يومية/ منعم حلبي أولًا، بمناسبة الزيارة السنوية لمقام النبي الخضر عليه السلام،التي أقيمت يوم الخميس الأخير، أبارك لشيوخ المجتمع المعروفي...
الناصرة | 28.11° - 31.07° | |
حيفا | 30.12° - 30.12° | |
القدس | 25.22° - 30.95° | |
يافا | ° - ° | |
عكا | 30.57° - 30.57° | |
رام الله | 25.16° - 30.88° | |
بئر السبع | 33.32° - 34.22° | |
طمرة | 29.76° - 29.76° |
دولار امريكي | 3.532 | |
جنيه استرليني | 4.9821 | |
ين ياباني 100 | 3.2976 | |
اليورو | 4.3352 | |
دولار استرالي | 2.7053 | |
دولار كندي | 2.7595 | |
كرون دينيماركي | 0.5822 | |
كرون نرويجي | 0.4520 | |
راوند افريقي | 0.2911 | |
كرون سويدي | 0.4211 | |
فرنك سويسري | 3.6777 | |
دينار اردني | 4.9780 | |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 | |
جنيه مصري | 0.1997 |
كيف نلخّص عشر سنوات من الخراب؟يوم الثلاثاء ...الدالية ستستردّ روحها وتنهض مرزوق الحلبيفيما يلي محاولة منّي لتلخيص عشر سنوات من الخراب واستشراف الآتي.ـ لا أشكّ من مشاهداتي ومن...
سياسة فرِّق تسُد بتجمعنا..! "العصر الذهبي في تسعينيات القرن الفائت تحوّل لعهد الفشل في السنوات العشر الفائتة" "العصبية القبلية فرّقت الأخ عن أخيه والأب عن ابنه" "حان الأوان...