الثمن/ هادي زاهر

kolanas - 2025-09-12 22:03:29 -

الثمن

هادي زاهر

لم يبخل محمود على رؤسائه بأية معلومة من شأنها ان تفيدهم، كان يشرح الامور بالتفصيل الممل وقد اتاح له موقعه الاطلاع على كل الفعاليات والبرامج، لقد اظهر حماسا منقطع النظير فاستطاع ان يدخل كل الاطر، إلا انه كان يدرك جيدا بأن لكل شيء نهاية ولا بد من ان يأتي يومٌ ينكشف فيه امره، ولكن الى ذلك الحين (يخلق الله ما لا تعلمون) كانت الاغراءات قوية.. فالصفقة واضحة:

"إذا ما انكشف امرك، تنتقل فورا للعيش داخل اسرائيل.. سوف تمنح لك سيارة مع راتب شهري يقدر بألفي دولار مدى الحياة اضافة الى شقة، ذلك شريطة ألا ترتكب اية مخالفة جنائية، والا فقدت الجلد والسَقط كما يقولون.."

 لم يكن الجهاز يكتف بالمعلومات الشفوية التي يطلعهم عليها محمود، إذ قاموا بتزويده في احدى المرات بآلات تصوير دقيقة للغاية ليزرعها في أماكن محددة كما زودوه أكثر من مرة بمادة سرية يقوم بدلقها فوق سيارات المطلوبين من القيادات فتعطي تلك المادة انعكاسا خاصا لأجهزة طائرات الاستطلاع والقنص، ليوجه الطيار صاروخه بدقة ليدمر السيارة بمن فيها. وكم كان محمود حزينا عندما تطايرت اجساد ابن عمه وزوجته وابنهما الرضيع اشلاءً عندما وجهت الاباتشي صاروخها على سيارته؟! انتابته لفترة حالة من عذاب الضمير، وتزايدت عمليات ملاحقة القيادات ميدانيا، فقررت تلك القيادات رصد تحركات بعضها البعض لمعرفة الوشاة. وعندما أحس محمود انه بات موضعا للشك لاذ بالفرار غير آبه للشك الذي تأكد في نفوس ذويه.

 استقبله مسؤول المخابرات "حاييم" بالترحاب، شاكرا له جهوده، وقدم له استمارة ليقوم بتقديمها إلى احدى وكالات السيارات الحديثة، لاستلام سيارة منها، اما بالنسبة للشقة فقد أخبره بأن هناك بعض الترتيبات الضرورية لا بد من اجرائها قبل ان تسلم له، ويمكنه حتى ذلك الحين ان يقيم في الفندق الذي يحلو له، وانهم سوف يتولون دفع الفاتورة عنه حتى يتسلم الشقة، اما بالنسبة للمعاش فهو سار منذ تلك اللحظة، وبعد صمت أضاف حاييم:

"سنكون لك سندا مدى الحياة، فقد تم بفضل جهودك، افشال الكثير من العمليات التخريبية. اننا نقدر اصدقاءنا، ونتمنى لك الصحة والنجاح في حياتك الجديدة المريحة ولكن تذكر جيدا بأن راحتك مرهونة بعدم قيامك بأي مخالفات جنائية لأنك عندها ستخسر كل شيء فالقانون عندنا هو القانون.

ثم غادر محمود وبه شيء من القلق لا يدري مصدره، توجه الى مكتب وكالة السيارات لاستلام السيارة، وهناك وجد المسؤول في انتظاره، استقبله بترحاب وقام بواجب ضيافته، وبعد ان قام بإعداد وتوقيع كافة المستندات اللازمة، قاده إلى المرآب واشار بأصبعه وابتسامة عريضة تشيع في وجهه وهو يقول:

"هذه سيارتك مبروك...

اقترب محمود من السيارة، واخذ يمرر فوقها كفه بحنان والمسؤول يشرح ويوضح له مميزات هذا النوع بالذات، وهو يستمع اليه دون ان يستوعب مما يقوله شيئا، لأنه كان يحلق في عالم آخر امتلأ بالبهجة والنشوة والبشر... "اخيرا نلت أجرا حقيقيا عن عملي... ياه.. حقا انهم صادقون بوعودهم.." حدث محمود نفسه بذلك وهو يجلس خلف مقود السيارة، وراح يلامسه في زهو وانبهار... ادار المحرك، ثم انطلق وهو يلوح للمسؤول بيديه. أخذ يصول ويجول في شوارع تل أبيب وهو يدندن سعيدا (عش كما تهوي.. قريبا او بعيدا) وكان قد قرر ان لا ينزع غطاء النايلون عن الكراسي حتى يلفت انتباه المارة بأنه يقود سيارة خارجة لتوها من المستودعات.. وعندما توقف عند ممر للمشاة في انتظار الضوء الأخضر من الاشارة الضوئية، سحرته ابتسامة فتاة شقية.. ولكن سرعان ما فتح الخط، فعاد يصول ويجول وهو يحدث نفسه: "يبدو ان الصبايا هنا هن اللواتي يتحرشن بالشباب.. ايوه.. بكفينا ما كنا نعاني منهن"... وبعد أكثر من ساعة، فكر: "ان النهار ما زال طويلا، فكيف سأمضي وقتي".. ولكن فرحه وسروره في السيارة لم يجعلاه يشعر بالملل. وأمام احدى دور السينما التي كان قد دخلها في السابق أكثر من مرة، توقف.. القى نظرة على إعلانات الفيلم المعروض.. هتف: "آه.. الحظ اليوم من السماء... سكس"... فركن سيارته في الموقف، ودخل الى السينما ليعيش ساعتين متواصلتين وهو في حالة من الشبق آثاره حتى بدأ يلهث.. في تلك اللحظة، كان "حاييم" يعرض على "بنينه" فيلما، يبين صور عدد من العملاء. و"بنينة" احدى الفتيات صاعقات الجمال، ممن اخترن خصيصا لأداء بعض المهام الخاصة.

خرج محمود من السينما شبقا، وعاد يصول ويجول، وقبل المغيب استعرض منطقة الفنادق، وقرر ان ينزل في احد الفنادق المطلة مباشرة على الشاطئ، دخل الى بهو الفندق الذي اختاره بالصدفة، وتوجه الى زاوية الاستقبال، شرح للموظفة التي استقبلته بابتسامه خدّرت اوصاله، أبرز بطاقة مدون فيها بالخط العريض ثلاثة أحرف (أ- ح- م) وتعني بالعربية رجل مهم جدا، وهي بطاقة تمنح في العادة للعملاء لكي يتم تسهيل أمورهم على (الحواجز)، بهتت الابتسامة بين شفتي الموظفة وهي تطلب منه "بطاقة الاعتماد" التي لم تكن بحوزته فاضطرت الى استدعاء مدير الفندق، الذي اتصل بدوره مع "حاييم" و كإجراء احترازي طلب المدير ارسال وثيقة تعهد بواسطة الفاكس ثم توجه الى محمود قائلا وهو يشير الى احد المقاعد المريحة:

"بإمكانك ان تجلس هناك حتى يصل الفاكس.

انزعج محمود من الامر وكاد ان يحتج على مدير الفندق الذي افهمه بدوره ان الفندق منطقة خاصة لا علاقة للمخابرات بها، وان الاجراء الذي اتخذه هو نوع من التسهيل غير المطلوب، إذ كان على رجل المخابرات ان يتصل ويقوم بالحجز قبل وصوله.. وانتظر محمود بنفاذ صبر وضيق، حتى تمت الإجراءات التي استغرقت أكثر من ساعة وفي الصباح نهض محمود متأخرا فأسرع الى غرفة الطعام وتناول فطوره ثم توجه الى الشاطئ. هناك لم يصدق ما يدور، فهذه فتاة جميلة بالنسبة له كانت كالحلم، تشير اليه بأن يلحق بها، وقبل ان تتلقى منه جوابا القت نفسها في الماء.. تساءل محمود مع نفسه.. "ترى هل تقصدني؟"... نظر يمينا ويسارا، فلم يجد أحدا غيره فأردف لنفسه: "انها تقصدني".. فهم باللحاق بها، ولكنه لم يجرؤ، لقد منعه شيء ما وهو يكذب نفسه.. "انها لا تقصدني، ومن انا حتى تقصدني فتاة بهذا المستوى من الجمال". وكان محمود يملك حضورا جيدا، لونه اسمر، وزادته اشعة الشمس سمرة ليصبح لونا برونزيا، وهذا اللون غريب على القادمات من أوروبا وروسيا. اخذته (كبسة الشمس) في غفوة لذيذة. وعندما استيقظ تمنى لو طالت غفوته.. نهض وتوجه الى الفندق، وعاد يسترخي مجددا.. وعندما هل الليل، قرر ان يستكشف كافة العوالم من حوله، فتوجه الى ناد ليلي، جلس وطلب زجاجة "جعة".. وعندما اخذ يرشف منها اقتربت منه فتاة، توقفت قبالته قائلة بصوت هز كيانه كصعقة كهربائية:

"ان رائحة عطرك رائعة جدا"

 - شكرا.

 * هيا بنا نرقص...

- انا لا اجيد الرقص

*سوف اعلمك

 اقتربت منه. امسكت بيده، ثم جذبته الى الاعلى ليقف.. نظر اليها محمود غير مصدق.. بهره جمالها الصاعق، فقال لنفسه: "يبدو انها حورية قادمة من عالم آخر"... سار برفقتها حتى وصلا الى باحة الرقص. أخذت الفتاة تهتز على إيقاع الموسيقى الصاخبة، اشارت اليه بأن يقترب، قالت له وهي تصب كلماتها في أذنه:

- قلد حركاتي وستجد نفسك منسجما مع الايقاعات الموسيقية تلقائيا..

 ثم مرت بشفتيها فوق شفتيه بقبلة بنّجته... لم يستوعب محمود حركة الفتاة التي أذهلته. امسكته بكلتا يديه ونفضته، فأفاق من حالته، وتأكد بأنه يعيش واقعا. قام محمود ببعض الحركات، لحظات وهدأت الموسيقى الصاخبة لتنساب موسيقى هادئة، فتعانق الراقصون. همست الفتاة في أذنه:

*اسمي "بنينه" فما هو اسمك؟

 صمت محمود ولم يجب.. فكر في ان يطلق على نفسه اسما يسهل امره، الا ان "بنينه" التي كانت تعرف كل كبيرة وصغيرة عنه احتضنته بقوة وقالت:

 *ما لك حزينا، ان من هو في روعتك يجب ان يعيش سعيدا.. يجب ان يحلق في السماء.

 لم يعلق محمود على حديثها، فقد كان مصعوقا، فأردفت بنينه قائلة:

 *ارجو الا اكون قد ضايقتك؟!

اخذت تدغدغه بخفة، وتحتك به، وكانت حركاتها منسجمة تلقائيا مع الايقاعات الموسيقية، حتى احست برجولته؟!! وعندها قالت له:

*لقد وجدت فيك ضالتي. فما هي حقيقة شعورك نحوي؟

 - الحقيقة انني لا اصدق... ما الذي يدفع حورية مثلك الى احضان لا يتقن اللعب؟

 * ولم لا؟ أنك تملك كل المقومات المطلوبة التي تطلبها كل فتاة.

 واستمرت "بنينه" في حركاتها حتى احست بأنه بات ملك يديها، وعندها سألته:

*اين ستتوجه بعد انتهاء الحفل؟

 ثم نفثت انفاسها الحارة على عنقه، فأحس بلهيب تلك الأنفاس وهو يقول:

 - الى الفندق.. سأكون مضطرا للمبيت هناك حتى احصل على شقتي بعد أيام..

*أذهب معك الى الفندق؟

 - ولكن لا أدرى ماذا سيكون ردة فعل مدير الفندق...

 *لا عليك.. سوف أتدبر الأمر معه...

 لم تنتظر الاجابة واخذته في قبلة "فرنسية". لم يكن قد تعرف محمود على هذا النوع من القبل في حياته. كان يعتقد بأن هذه القبل لا تمارس الا في الافلام، ارتخت مفاصله وكاد ان يسقط، ولكنها امسكت به وهي تقول بصوت ماعت له أطرافه:

 *هيا بنا...

واستمرت اللقاءات الملتهبة. ومحمود مسحورا بها. وكان عادة ما يقول لنفسه: "هذه هي الحياة.. من اين كنت ساجد بين اهلي مثل هذا النعيم. فرق شاسع بين هنا وهناك، فهنا المياه المتدفقة، بينما هناك تمنح المياه بالقطارة. رائحة الصبايا هنا تنعش الروح، بينما رائحة العرق هناك تقزز النفس". واستفاق ذات يوم على صوت طرق عنيف على الباب.. نظر الى حيث تنام بنينه إلى جواره، فلم يجدها. نهض مسرعا ليرى من الطارق... فتح الباب. كانت هناك مجموعة من رجال الشرطة، قال الضابط: *لدينا أمر بتفتيش الغرفة..

- غرفتي انا؟!!

* أأنت محمود العبد؟

- نعم...

ودخل رجال الشرطة وتوجهوا الى السرير، وعندما رفعوا الفرشة عثروا على كيس كان بداخله مسحوق ابيض، وعندها فقط استوعب الفخ الذي نصب له، وأنه العصفور الذي نقر الدودة وكان عادة يصرخ من وراء القضبان.. انا براقش... انا براقش

דף 1 מתוך 1



ما هو رأيك بتحقيقات نتانياهو

إضف إهداء
الناصرة28.51° - 29.81°
حيفا30.52° - 31.83°
القدس26.18° - 28.4°
يافا° - °
عكا30.97° - 32.27°
رام الله26.11° - 28.33°
بئر السبع32.32° - 32.32°
طمرة30.16° - 31.47°
دولار امريكي3.532
جنيه استرليني4.9821
ين ياباني 1003.2976
اليورو4.3352
دولار استرالي2.7053
دولار كندي2.7595
كرون دينيماركي0.5822
كرون نرويجي0.4520
راوند افريقي0.2911
كرون سويدي0.4211
فرنك سويسري3.6777
دينار اردني4.9780
ليرة لبناني 100.0233
جنيه مصري0.1997
مواقع صديقة
karmel
hlake
العنوان
شوفو
kolanas
hawak
almadar
مواقع قطرية
بانيت
بكرا
وين
arab 48
الصناره
العرب
الشمس
جولاني
فلسطينيو 48
مواقع رياضيه
ספורט 1
sport2
ספורט 5
توتو وينر
موقع ريال مدريد
برشلونه
espn
fox sport
algazeera sport
مواقع عبرية
ynet
walla
ישראל היום
mako
hadashot 10
גלובס
m3rev
tapoz
haretz
شبكات اجتماعيه
facebook
احلام
twitter
my spaes
לב מי
חברה כולם פה
linked in
מקושרים
ماي اصحاب
عربيه عالميه
العربيه
اليوم السابع
الاهرامات
صحيفة القدس
الشرق الأوسط
النشره
الجزيره
بي بي سي
مونتيكارلو
مواقع ترفيهيه
youtube
metacafe
mawale
نكت
طرب
shahed
yahoo tv
rekza
ترفيهيه
مواقع أطفال
كرتون نيتورك
הוף משחקים
זולו משחקים
عيادة طب الأطفال
365 משחקים
براعم
y8
نيكولوديون
ام بي سي اطفال
اتصالات
סלקום
orang
פלאפון
גולאן טלקום
הוט
ניטוויזין
בזק
mirs
yes
بنوك ومصارف
בנק לאומי
بنك هبوعليم
بنك ديسكونت
מזרחי טפחות
البنك العربي الاسرائيلي
مركنتيل
אוצר החייל
בנק הדואר
בנק ירושליים
مشتريات
yad2
buy2
ערוץ הקניות
עודף
סלונהה
get it
אולסייל
זאף
פי 1000