kolanas - 2025-06-01 12:21:56 -
سنحاول في هذا المقال المقارنة بين إحصاءين يمثلان عهدين، إحصاء شوماخر- 1886 والإحصاء البريطاني 1922، ولا بد أن نتطرق في هذا السياق إلى إحصاء صندوق استكشاف فلسطين (PEF) الذي تأسس في 1865 كشركة بريطانية على يد أكاديميين ورجال دين ومال وأعضاء من مجلس اللوردات البريطاني، كانت أهدافه إجراء أبحاث أثرية، تاريخية، جغرافية، إتنوغرافية في انحاء فلسطين آنذاك وقد ضمت بعثة المساحة البريطانية عشرات المتخصصين برز من بينهم كوندار وكتشنر حيث بدئوا بإجراء الإحصاء سنة 1871 وانتهوا في 1878 ورسموا خارطة بينوا فيها حدود كل قرية ولونوا المناطق السكنية من نهر الليطاني في الشمال حتى بئر السبع في الجنوب، لكن من خلال مقارنة أعداد السكان للقرى المختلفة التي أوردها كوندار وكتشنر مع روبنسون وفكتور غيرين نستنتج أن كوندار وكتشنر قد نقلا عنهم أعداد الكثير من القرى دون إجراء فحص دقيق مما يضفي عدم المصداقية بشكل جزئي على إحصائهم ولذلك لن نعتمد عليه في هذه المقارنة وإنما سنعتمد على إحصاء المهندس شوماخر الذي يعتبر أكثر مصداقية وسنقارنه بالإحصاء البريطاني الأول في عهد الانتداب سنة 1922.
إحصاء شوماخر 1886: غوطلب شوماخر هو مهندس ألماني أشرف بنفسه على مجريات الإحصاء وقد أوضح أن إحصاءه هذا كان بطلب من دائرة الأشغال العامة (إدارة النافعة) في العاصمة العثمانية التي عملت على التخطيط وشق الشوارع في لواء عكا حيث كان الكرمل جزءًا منه واحتاج ذلك لإحصاء دقيق للأيدي العاملة القائمة، بعد أن تحقق المشرفين على المشروع أن المعطيات التي بحوزتهم غير دقيقة فقام شوماخر بتشغيل موظفين لجمع عدد الذكور والإناث في كل عائلة بدقة ووضع قائمتين أساسيتين: الأولى لعدد الرجال القادرين على العمل بين الأعمار 16-60 والثانية شملت معدل عدد أفارد العائلة حسبما توصل إليه شوماخر.
رافق شوماخر الموظفين في دخولهم كل بيت ليتحقق من مصداقية نتائج إحصاءه وقد تمّ فحص سكان حيفا والناصرة وطبريا عدة مرات للتأكد من دقة المعطيات، لكن ما يؤخذ على شوماخر أنه لم يفرق بين معدل العائلة المدنية والقروية والأجنبية أو بين الطوائف المختلفة حيث يوجد فروق كهذه حتى لو كانت طفيفة إلا أنها تؤثر على نتائج الإحصاء النهائية.
الإحصاء البريطاني 1922: قام البريطانيون بإجراء أول إحصاء لهم في فلسطين بشكل شامل وعصري حيث شمل معلومات عن الاسم الثلاثي، الجيل، الجنس، الحالة العائلية، الدين واللغة أما بخصوص البدو فقد اعتمدوا على التقديرات ورغم ذلك فيعتبر في نظر المؤرخين الإحصاء العصري الأول من نوعه في البلاد الذي يتمتع بمصداقية ودقة شملت سكان القرى والمدن والقبائل البدوية.
وإذا تمعنا في الجدول الإحصائي المرفق للإحصاءين، إحصاء شوماخر والإحصاء البريطاني نجد أنهما يفصّلان أعداد السكان حسب القرى والطوائف فحسب شوماخر نجد تسعة قرى درزية محضة وخمسة قرى درزية مسيحية وأربع قرى درزية مسيحية إسلامية وقرية واحدة درزية إسلامية هي الجاعونة، وإن قرية عين الأسد لم تكن قائمة وقت الإحصاء.
لكن بعد 36 سنة نجد أن الواقع الديموغرافي قد تغير لعدة عوامل سنقف عليها لاحقًا، فنجد خمسة قرى درزية محضة والباقي مختلطة للطوائف الثلاث واختفاء الوجود الدرزي في قريتين هما المطلة والجاعونة بسبب الاستيطان الصهيوني الذي اعتمد على شراء الأرض من الإقطاعيين وطرد الفلاحين وبالمقابل تأسست قرية جديدة في حوالي العام 1899هي عين الأسد، كذلك نجد في هذه الفترة تناقص أعداد الدروز في عشر قرى وارتفاع طفيف في ثلاث قرى وارتفاع كبير في ثلاث قرى، هي عسفيا ودالية الكرمل وكسرى.
أما بالنسبة للمسيحيين فقد تناقص عددهم في ستة قرى وتزايد في ستة أيضًا أما المسلمين فقد تناقص عددهم الكلي لكن اتسع انتشارهم في جميع القرى الدرزية بشكل عام، وإذا حاولنا أن نتفحص أسباب هذه التنقلات السكانية فنجد أن أقضية عكا وصفد وطبريا- أي دروز الجليل- كان فيها انخفاض في الوجود الدرزي بسبب الهجرة الخارجية والعوامل الداخلية كارتفاع نسبة الوفيات والأمراض كمرض الحمى الذي انتشر في صفد والناصرة في سنة 1897 والجدري الذي انتشر في عكا ومنطقة حيفا سنة 1877، ومرض الهواء الأصفر (الكوليرا) فقد انتشر على مدى عدة سنوات 1865، 1902 و1912 في مناطق حيفا وعكا، أما داء الدفتيريا (حمى، صداع وغثيان) فانتشر في حيفا سنة 1888 كما كان للجفاف الذي أصاب منطقة طبريا تأثير على زيادة الهجرة إلى مناطق أخرى أكثر خصوبة، يُضاف إلى ذلك غارات البدو على المناطق الزراعية للقرى والصدام مع الفلاحين وظروف الحرب العالمية الصعبة وما رافقها من تجنيد إجباري الذي كان رابع محاولة للتجنيد، سبقها تجنيد في الأعوام 1913، 1890، 1892، 1862، 1852 أدى إلى فقدان أو موت أعداد كبيرة من الشباب وارتفاع نسبة الإناث على نسبة الذكور عند كل الطوائف وهذا شجع العديد من العائلات على الهجرة إلى مناطق أكثر أماناَ (زهير غنايم، لواء عكا. بيروت 1999 ص94).
كان اتجاه الهجرة في عدة محاور منها إلى حوران لأن الدروز هناك يشكلون أكثرية وعندهم شبه استغلال ذاتي عن العثمانيين فكانوا معفيين من التجنيد الإجباري وعندهم إنتاج هائل من القمح زود سوريا كلها خلال الحرب العالمية الأولى، محور آخر للهجرة كان من قرى أقضية صفد، حيفا وعكا إلى أمريكا الجنوبية التي شهدت ازدهارًا اقتصاديًا في تلك الفترة فهاجر الكثيرون من القرى إلى تلك البلاد سعيًا وراء الرزق ومنهم من استقر هناك ومنهم من عاد إلى مسقط رأسه.
أما المحور الثالث للهجرة فكان من أقضية صفد وعكا إلى قضاء حيفا بسبب الانتعاش الاقتصادي لمدينة حيفا وافتتاح سكة حديد حيفا- درعا قبيل الحرب العالمية الأولى الذي ربط الداخل السوري بمدينة حيفا وجذب هجرة إليها من جميع الطوائف.
إن حيز عكا الجغرافي المحدود داخل الأسوار ومنع البناء خارجها أدى لاكتظاظ سكاني واتجاه الهجرة نحو حيفا، خاصة، الأغنياء والتجار والجاليات الأجنبية، فهاجرت الكثير من العائلات المسيحية والإسلامية إلى حيفا ومحيطها القروي وفي هذا الإطار استوعبت قرى الكرمل، عسفيا ودالية الكرمل الكثير من العائلات المهاجرة مثل آل البارود وبصيص وحماده ورماح ومنصور إلى دالية الكرمل في أواخر القرن ال-19 وأوائل القرن العشرين أما عسفيا فاستوعبت عائلات حوا، مارون، خليل، عطشي، شخيدم وطربيه في سنوات الستين والسبعين من القرن التاسع عشر وفي نفس الوقت هاجر أفراد من عائلات عديدة إلى حوران ولبنان كآل وهب، عساف، مداح، حلبي، كيوف، شروف، منصور وسابا.
ونلاحظ أن أكثر قريتين تناقص عددهم سكانيًا في هذه الفترة بسبب الهروب من التجنيد والهجرة إلى حوران هما بيت جن التي انخفض عدد سكانها من 1215 سنة 1886 إلى 895 في 1922 أما يركا فقد انخفض عدد سكانها من 1280 سنة 1886 إلى 937 في 1922.
ومن جهة أخرى كانت أكثر القرى تزايدًا للسكان في نفس الفترة هي، عسفيا ودالية الكرمل وكسرى.
نستنتج مما سبق أن اتجاه تناقص السكان الدروز في فلسطين بين 1886-1922 كان لأسباب موضوعية بشرية وطبيعية وكانت الهجرة في ثلاث مسارات، نحو حوران والكرمل وأمريكا الجنوبية وسرعان ما تغير اتجاهها عكسياَ بعد ثورة جبل حوران في 1925 ضد الاستعمار الفرنسي، كذلك حصل تهجير قريتين على يد الحركة الصهيونية، وقد شهد يتسحاق أينشتاين بوصفة عملية التهجير أمام المؤتمر الصهيوني السابع، كما وردت في كتاب تاريخ الصهيونية للمحامي صبري جريس بقوله: "عندما نشتري قطعة أرض كهذه (2500 دونم غير المشاع، أملاك الفلاحين الدروز) نبعد عنها مزارعيها السابقين تمامًا... فنحرم بهذا أشخاصًا بائسين من ممتلكاتهم الضئيلة ونسلب لقمة عيشهم، ولا يزال حتى اليوم يرن في أذني نحيب النساء العربيات (الدرزيات) عندما تركت عائلاتهم قرية الجاعونة وهي روش بينا وانتقلت للسكن في حوران، فقد ركب الرجال على الحمير ومشت النساء وراءهم باكيات يملأ السهل نحيبهن".
في العام 1899 تأسست قرية جديدة هي عين الأسد على يد مهاجرين من بيت جن أساسًا، أما القرى التي بقيت قائمة فقلّت القرى الدرزية المحضة من تسعة إلى خمسة وأصبحت القرى الأخرى كلها مختلطة الطوائف حيث تزايدت أعداد المسيحيين والمسلمين الذي استقروا في القرى الدرزية وعاشوا طيلة الوقت في انسجام وسلام ووئام ومحبة كمجتمع واحد تجمعه اللغة والعادات والتقاليد والثقافة والحضارة والتاريخ والانتماء الواحد المشترك دون أن تعكره نزاعات أو خلافات دينية وطائفية خطيرة قبل أن تبث العناصر الأجنبية سمومها التمزيقية وما زال هذا النسيج الاجتماعي محافظاَ على استمرارية حتى اليوم رغم الكثير من العوامل المعيقة.
دروز فلسطين بين 1922 – 1886
إحصاء شوماخر 1886 الإحصاء البريطاني 1922
القرية دروز مسيحيون مسلمون دروز مسيحيون مسلمون
أبوسنان 330 235 -- 228 247 43
البقيعة 850 500 -- 304 215 70
بيت جن 1215 -- -- 895 1 6
الجاعونة 375 -- 555 -- -- --
جولس 360 -- -- 442 1 3
جت 105 -- -- 137 -- --
حرفيش 530 115 -- 386 30 --
دالية الكرمل 20 -- -- 921 21 51
الرامة 425 125 575 195 624 28
ساجور 190 -- -- 176 3 17
شفاعمرو 440 1510 795 402 1263 623
عسفيا 480 75 -- 590 126 17
عين الأسد -- -- -- 47 1 --
كسرى 70 -- -- 250 -- --
كفر سميع 250 30 -- 143 24 40
كفر ياسيف -- 725 185 33 665 172
المطلة 460 -- -- --
المغار 625 420 180 676 265 436
يانوح 245 -- -- 213 -- 1
يركا 1280 5 --___ 937 16 26
8850 3740 2290 7525 3504 1531
في ظل الاستمرار بالزحف في روابي غزة، القتل والذبح والتهجير منقطع النظير لأهالي غزة والمنطقة الابرياء، وفي ظل التواطؤ الإعلامي العبري والتعتيم حول ما يحدث من مجازر، استمعنا إلى...
الناصرة | 28.51° - 29.81° | ![]() |
حيفا | 30.52° - 31.83° | ![]() |
القدس | 26.18° - 28.4° | ![]() |
يافا | ° - ° | ![]() |
عكا | 30.97° - 32.27° | ![]() |
رام الله | 26.11° - 28.33° | ![]() |
بئر السبع | 32.32° - 32.32° | ![]() |
طمرة | 30.16° - 31.47° | ![]() |
دولار امريكي | 3.532 |
![]() |
جنيه استرليني | 4.9821 |
![]() |
ين ياباني 100 | 3.2976 |
![]() |
اليورو | 4.3352 |
![]() |
دولار استرالي | 2.7053 |
![]() |
دولار كندي | 2.7595 |
![]() |
كرون دينيماركي | 0.5822 |
![]() |
كرون نرويجي | 0.4520 |
![]() |
راوند افريقي | 0.2911 |
![]() |
كرون سويدي | 0.4211 |
![]() |
فرنك سويسري | 3.6777 |
![]() |
دينار اردني | 4.9780 |
![]() |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 |
![]() |
جنيه مصري | 0.1997 |
![]() |
النكبة هي مصطلح فلسطيني يعبّر عن المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره. وهو الإسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم...
شهر الثقافة أم شهر التخدير؟ بقلم: الشيخ وسيم زيدان (عضو مجلس دالية الكرمل) "إلى مجلس محلي دالية الكرمل، كفى عبثًا بثقافة الناس، ما يجري تحت عنوان "شهر الثقافة" لا يمت...