البناء الجديد.../ منعم حلبي

ما حدث في عسفيا حطّم معادلة معيشتنا في السنوات الأخيرة:معادلة كُل مين إيده اله
-لو تحققت عملية "حفظ الإخوان" في سائر القضايا التي تواجه مجتمعنا،لتغلبنا على مشاكلنا واحدة واحدة
-علينا إبعاد السياسة عن حياتنا،لنُعيد أيام زمان الغابرة...
لا شك، ان ما خطف الأنظار هذا الأسبوع، هي الوقفة الإنسانية منقطعة النظير مع وإلى جانب الشيخ مجد منصور من قرية عسفيا، والذي حُرق بيته عن بكرة ابيه(حتى كتابة هذه السطور لا نعرف أسباب الحريق). مباشرة اجتمع مئات من المواطنين، من القرية وخارجها، مادّين يد العود بصورة تكاد لا توصف، بحيث انه خلال بضعة أيام نجحوا في بناء بيت جديد. تذكرني هذه العملية، ببناء عجائب الدنيا، من مسارح وكنائس واهرامات وغيرها في العالم. هكذا رأيت العاملين زرافات زرافات يتوافدون للعمل، وهذا ما حدث في عسفيا الأسبوع الأخير.
الدهشة كبيرة،لأننا نعيش في عصر الكمبيوتر والنقال والتابلت والإكس بوكس، نحن منفصلون عن مجتمعنا بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، لذلك اعتُبرت هذه الوقفة نادرة الوجود، ذكرتنا بايام زمان، عندما كنا نسمع عن الإلفة والمحبة ومساعدة الآخر بدون قيد ولا شرط، بحيث كانت تجتمع حارة بأكملها على "صبة باطون"!.
الحياة تغيرت والاواصر الاجتماعية تبددت وتمزقت إربًا إربًا في السنوات الأخيرة، لدرجة انك لا ترى جارك ولا تجلس معه مدة اشهر في بعض الأحيان ولا تعرف اخبارة ومشاكله وهمومه....قضية "حفظ الإخوان" ظهرت بحلة رائعة في عسفيا وكلي أمل ان تظهر بحلة كهذه في سائر قضايانا.
تخيلوا على سبيل المثال لا الحصر، لو رأينا مثل هذا التكاتف في قضية الأرض، في قضية الهوائيات، في قضيتنا ضد الغرباء، في قضية دخول المجمع وبعد من قضايا تؤثر على كياننا ووجودنا في هذه البلاد!.
نحن مجتمع ابتعد عن النضال، لان السياسة تغلغلت في ضلوعه، وهذا اكبر خطر يواجه مجتمعنا، يهدد وجوده وكيانه.
عندما نضع السياسة جانبًا، ونعمل بتبرع وسخاء ومن اجل الاخر،تمامًا مثلما حدث في عسفيا، عندها سنحصّل حقوقنا كاملة، عندها سنقف في وجه الطوفان، في وجه كامينتس، في وجه من صنع قانون القومية، في وجه من يرسل الى أهلنا واولادنا عشرات مكاتيب التهديد والوعيد، أوامر الهدم والغرامات، وقفة الأسود!.
مع الأسف، نحن نعيش في حارة كل مين إيده الُه في كافة المجالات.
هذه المعادلة تحطمت في عسفيا، ونأمل ان تتحطم في مجتمعنا لكي نعود ونبني انفسنا ومجتمعنا من جديد!.