انا ومن بعدي الطوفان...! منعم حلبي

وظيفتي الصحافية تحتذم علي ان افكر غالبًا "خارج الصندوق"...ان لا ارى الاحداث من عبر الات وأعين الاستخبارات الاسرائيلية، المتمخضة بقنوات التلفزة والإذاعة العبرية التي تعمل تمامًا كما قالت النائبة عايدة توما سليمان خلال لقائها بالقناة 12، انها تتحدث الى محقق شاباك(تحدثت عن مقدم البرنامج في القناة الذي قام بلقائها).
لذلك، يجب علي ان اقول في خضم احداث الاقصى- غزة: بالطبع انا قلبًا وقالبًا مع اهالي في فلسطين المُحتلة، لان قضيتهم عادلة.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا الان بالذات اندلعت هذه المواجهات الدامية وتخدم من بالضبط؟!!.
أحداث الأقصى تتكرر العام تلو الآخر في هذا التوقيت، في شهر رمضان المبارك وقبيل عيد الفطر.
الاف المصلين يتجهون للأقصى لأداء فرائض الصلاة، وعمليات الاستفزاز والتحريض تصل ذروتها من قبل اليهود المتدينين وغير المتدينين على حد سواء.
عادة، هذه المواجهات تنتهي هناك، في القدس. هذه المرة الوضع يختلف: حماس تقرر الدخول للصورة، وتوجه الغارات والصواريخ باتجاه المستوطنات الجنوبية.
هذه المواجهة تؤدي لمقتل العشرات من النساء والشيوخ والاطفال الفلسطينيين، والى قتل عدد لا يتعدى الثلاثة اشخاص واصابة عدد ضئيل من الاسرائيليين.
مصر والدول العربية الاخرى ستتدخل، وسيصل الطرفان لاتفاق تسوية، حتى المواجهة القادمة.
السؤال: من تخدم هذه المواجهة في هذا الظرف الزمني؟!!.
نحن نعلم، ان اسرائيل مرت بانتخابات رابعة، وان نتائجها تمخضت عن فشل نتنياهو بتشكيل حكومة.
هذا الفشل ادى برئيس الدولة ان يوكّل يئير لبيد ان يشكل حكومة التغيير، التي لطالما ينتظرها كل انسان عاقل يريد الخير له ولاهل بيته ولمجتمعه.
"كتلة التغيير" المكونة من عدة احزاب، يمينية، من المركز ومن اليسار الإسرائيلي تعمل في هذه الأيام، او كانت تعمل حتى اندلاع المواجهات، بصورة مكثفة وكانت على اعتاب تشكيل حكومة بديلة تخلص الشعب الاسرائيلي من نتنياهو.
فجأة تندلع المواجهات الدامية، التي تؤدي لتراجع كبير في المفاوضات بين احزاب كتلة التغيير، وحسب التحليلات ستؤدي الى تضعضعها وفشلها، مما سيتيح الفرصة لنتنياهو ان يبقى رئيس حكومة، حتى تُجرى انتخابات خامسة!!!.
السؤال الذي يُطرح: حماس تعي جيدًا ما يحدث في اسرائيل من ناحية التطورات والتحركات الإسرائيلية.
لماذا قررت ان تقوم بهذه المواجهات وبهذه الصورة؟!.
هل حماس لا تريد بإطاحة نتنياهو من الحكم ام ماذا؟!.
ما الذي يحدث هنا بالضبط؟!.
حماس قدمت هدية على طبق من ذهب لنتنياهو في هذه الحُقبة الزمنية!.
نحن نعلم ان احداث الأقصى لا يمكن السكوت ولا التغاضي عنها، وأن التعدي على حرمات الناس هي بمثابة جرائم حرب متكررة من قبل اسرائيل، ولكننا في حُقبة زمنية من واجبنا جميعًا ان نستخدم خلالها العقل وليس العاطفة.
نيرون، امبراطور روما، أمر بحرقها عام 64 ميلادي لكي يعزز من مركزه ومن استبداده.
ما يحدث اليوم ليس بعيدا عن الاحداث التي وقعت قبل حوالي 2000 عامًا.
"انا ومن بعدي الطوفان"...هذا ما يؤمن به وهذا ما يفعله بنيامين نتنياهو، الشخص الذي اضحى اكثر الشخصيات استبدادًا ودكتاتورية في العصر الحديث. الشخص الذي يهدد القضاء والقضاة والمحاكم والإعلام والصحافة.
الشخص الذي سيحرق الأخضر واليابس ليكي يبقى على الحكم.
ومن يمد له يد العون؟!!!.
شيء لا يُصدق!.
الأمر الذي يُحزن ويبكي القلب والروح، هو وقوع ضحايا ابرياء لا شبق لهم ولا عبق بهذه السياسيات الغشيمة والغاشمة.
بكاء الأمهات لا يتغير، بل الاسماء فقط تتغير.
عيد الفطر الذي كان من المفروض ان يكون سعيدا، اضحى حزينًا، حزينًا للغاية!.
حان الاوان أن تتغير ليس فقط السياسة والحكومة الاسرائيلية، بل السياسيات والقيادات الموجودة لدى الشعب الفسلطيني.
هذا الشعب المنكوب، المظلوم، بحاجة لقيادة ترعى شؤونه واموره، وليس لقيادات جل همها تحقيق اهدافها الذاتية، حتى على حساب ابناء شعبها!.
والصحافة العبرية والعربية المتحدثة بصوت إسرائيل؟!.
حسبي الله ونعم الوكيل!!.