kolanas - 2021-03-03 16:32:44 -
ظهر الجهاز التعليمي لأول مرة في منتصف القرن التاسع عشر، قُبيل الثورة الصناعية التي جلبت معها هجرة الى المدن، صممت الاقتصاد القومي من جديد وغيّرت في حيثيات المبنى العائلي. خرج الوالدان من حيّز البيت والحقل والمرعى الى العمل خارج المنزل، فولّد هذا الخروج الحاجة الى إطار يحفظ الاولاد ويكسبهم مهارات عمل ومهارات حياتية. ومع افتتاح المصانع وازدياد الانتاج بهم، زادت الحاجة الى بناء مؤسسات تعليم جماهيرية (كانس, 1976).
اقتصر التعليم في بدايته على الشريحة الاجتماعية الثرية واقتصرت المضامين على تعليم القراءة حرصًا على نقل المعرفة الى الجمهور، مع مرور الزمن أصبح تَعلّم القراءة مفهومًا ضمنًا وأساسيا جدًا وتوسعت مضامين التعليم الى تفسير، فهم، ابداع، انتاج ونقل معرفة (سيشلير 2010).
مع مرور الزمن، تكيفت المؤسسات التعليمية مع المجتمع التي تنتمي اليه، ثم سيطرت الدولة على الجهاز التعليمي لسببين: الأول، خلق اجواء تربوية واحدة مع رواية تربوية تحت السيطرة، والثاني يهدف التنشئة الاجتماعية، بما في ذلك تذويت الواجبات والمهارات المطلوبة لصقل الانسان البالغ في المجتمع وفق معايير الدولة (توبين,2015).
الافتراض الذي ساد في الجهاز التعليمي حينها، هو حياة اليقين، بما معناه، ان الحياة القائمة اليوم، هي الحياة التي سنصادفها غدًا، الا ان هذا التصور اليقيني ولّى مع تواجد شبكات الانترنيت والمخزون المعلوماتي الذي تحويه اضافةً الى شبكات التواصل الاجتماعي. وعليه، فقد تواجدت امام طالب العلم، قنوات تعليم متعددة ومتنوعة التي قد تكون بدون معلم مُلقن للعلم، والنتيجة، ان مكانة المعلم قد تضعضعت. المرحلة التالية هي تطور الروبوتيكا وعلم الاليات التي فتحت مجالات عمل جديدة تخترق كل ما هو روتيني وكلاسي. وضعت هذه التغيرات في ماهيات الحياة العملية الجهاز التعليمي في مكان لا يتلاءم مع الواقع ومع اهتمامات الطلاب. جهاز لا يلائم العصر واحتياجاته.
القرن ال- 21 هو الاخر يشكل مرحلة انتقالية، ميزاته وخصائصه هي الحاجة الماسة الى نقل معلومات سريع للجمهور ولطالبي العلم والمعرفة، حتى ان المستهلك تحول من غير مبالٍ الى فعّال، مستهلك للعلم والمعرفة يستهلك مخزون معلومات هائل من شبكات الانترنيت. هنا، اصبحت وظائف الجهاز التعليمي بمثابة نقل مهارات وقدرات جديدة، مثل: ادارة كم هائلٍ من المعلومات، كيفية اختيار المعلومات، وتفكير نقدي لمخزونات المعلومات (جريفين, 2012).
من هذا المنطلق، قامت نهضة عالمية لملاءمة الجهاز التعليمي مع الاحتياجات الانية: في نيوزلندا وفي استراليا، وضعوا في جُل اهتمامهم التفكير الابداعي والتفكير النقدي، في ايرلندا تمركز اهتمامهم في تطوير استراتيجيات تفكير، ايجاد حلول وقدرات تعلم وادارة ذاتية. في الولايات المتحدة طوّروا برامج قومية لتعليم مهارات تفكيرية على مستوًى عالٍ وعلى بحث مهارات متعددة اساليب البحوث والتعليم. وفي اسرائيل اقيمت عدة بحوث اكاديمية عن يد وزارة التربية والتعليم وسردت المهارات التي يحتاجها الطالب في القرن ال- 21، الا انه حين آن الاوان لتنفيذ وتجسيد المهارات مع حلول جائحة الكورونا والحاجة الى التعليم عن بعد، انهار الجهاز التعليمي في اسرائيل. لا الوزارة ولا المعلمون ولا الطلاب نجحوا في المثول امام التحديات مثل مهارات اساسية للتعليم الذاتي والتفكير الإبداعي الناقد. المحاولة الأولى التي قامت بها وزارة التربية والتعليم في هذه المرحلة هي اخراج المعلمين الى عطلة دون راتب. محاولة باءت بالفشل الذريع بناءً على العديد من الاعتراضات ومن ضمنها اعتراضات نقابات المعلمين. المحاولة الثانية تعليم عن بعد لقسط من الطلاب سيما من لديه حاسوب او بعضهم بأسلوب التعليم التلقيني- إخفاق إضافي.
إنّ التعلم عن بعد بشكل او بآخر أعاد السيطرة إلى الأهل والطلاب على حساب هيمنة وزارة التعليم على المضامين التعليمية، على المعلمين والطلاب وعلى الإقليم والمحيط التعليميين. الجهاز التعليمي في اسرائيل سار على غرار النهج السلوكي (ביהביוריסטי) الذي يربط بين المحيط البيئي وبين التصرف وسلوك الطالب، بما معناه، ان نقل المهارات عبر الاجيال منوط بإطراءات إيجابية للتصرفات المحبذة، والعكس صحيح.
في منتصف القرن العشرين، قام تيار جديد يضع الطالب في مركز الاهتمامات، يتمحور نهجه حول التعليم التدريجي البنّاء (פרוגרסיבי – קונסטרוקטיבי) حيث ان المعرفة لا تُلقن انما يتم بناؤها بتلاؤم مع المفاهيم والانماط المتواجدة في إدراك ووعي الطالب. يعطي هذا الاسلوب التعليم قفزة نوعية تجلب معها تطويرًا لأساليب التفكير والابداع، ولتفعيل وتداخل الطالب في دراسته (يحيئيل, 2008). يضع هذا التيار المعلم في موقع الوسيط لبناء المعرفة بدلًا من ملقن المعرفة.
كانت لوزارة التعليم محاولات للجمع بين هذين النهجين، الا انهم شجعوا مبادرات تعليمية ومشاريع ذات طابع تعليم تدريجي بنّاء من جهة، واستمروا في التقييم عن طريق الامتحانات التقديرية الروتينية التي تتمشى مع النهج السلوكي من جهة أخرى. هذه المحاولات للربط بين النهجين فشلت ايضًا، فالجهاز التعليمي المركّز لا يتمشى مع التعليم المشارك وشتان ما بين الاثنين، والنتيجة ان بزغت نماذج بديلة متعددة مثل نهج "جماهير تتعلم"، "مجموعة بحث" وما إليها.
إن ازمة الكورونا والتعليم عن بُعد، أدت الى عملية "تسطيح" للصلاحيات، لأول مرة يصل الجهاز التعليمي الى قناعة ان البرامج التعليمة المُلقنة وتقدير قدرات الطالب من خلال الامتحانات قد فقدت مصداقيتها، وأنّ هناك إهمالًا وتقصيرًا بما يتعلق بإكساب ادوات ومهارات لتطوير طالب استقلالي، مُحب للاستطلاع، فعَّال يأبه التعليم والاستطلاع. اهمال في تدريب وتحضير المعلمين لبناء طالب مع تفكير ابداعي، اهمال من خلال تقليص في صلاحيات مدراء المؤسسات التعليمية، كل هذا قوقع الجهاز التعليمي ومنعه من التحليق. دور نقابات المعلمين في هذه الفترة لم يخدم الجهاز التعليمي ولا المعلمين ولا مكانتهم، وذلك خلافًا للسلطات المحلية التي قامت بدور فعّالٍ يخدم الشرائح الاجتماعية الضعيفة ووزعت لها ما تحتاج من حواسيب ومستلزمات اخرى.
الخلاصة، ان التعليم عن بعد ادخل مفاهيم جديدة للتعليم، طور التعليم التطوعي غير المفروض من فوقيات، بنى تواصلًا وشبكات تواصل شخصية بين الطلاب ومع المعلمين، ادخل الاهل من جديد الى عملية التعليم كجزء لا يتجزأ منها ومن انجاح طلابها. قوّى التواصل بين المعلمين والطلاب حتى أصبح ذا استمرارية، بدأ الطلاب بالدراسة بشكل مستقل، بتحضير دراسات بحثية وفق وتيرة عمل شخصية وباستشارة زملائهم ومعلميهم، أمسى التعليم ذاتيًّا واستقلاليًّا. هذا من جهة واحدة، الا انه من جهة أخرى، اعاد التعليم ليكون من نصيب الاثرياء فقط، للطلاب الذين بحوزتهم حاسوبًا وشبكة تواصل انترنيت سريعة، لهذا الاف الطلاب لم يتعلموا في فترة الكورونا.
وبما ان الحاجة ام الاختراع، فقد ظهرت خلال هذه الفترة برامج تعليمية استقلالية تشجع التعليم بمشاركة الاهل شبيهة بنموذج "جماهير تتعلم" ونموذج "مجموعات بحث"، وهنا نرى دخولًا الى أُطر تعليمية تلائم احتياجات الطلاب واعادة دور الاهل الى الوظائف التربوية والقيمية.
على ما يبدو، ان جائحة الكورونا قد شقت طريقًا في مجالات عديدة، وما علينا سوى ان نؤمن الاستمرارية في التجديدات التي تحملها معها مثل تغيير وقلب المبنى الهرمي سيّما توزيع الصلاحيات على القائمين على العمل الميداني بدلًا من تركيزها في وزارة التعليم. وما على الوزارة هو تقليص الفجوات الاجتماعية، إكساب ادوات ومهارات على مستوى عالٍ، السماح بالتعددية والتعليم الانفرادي وعليها ان تكون سلطة تعليمية ترافق، ترعى وتبني الكوادر التعليمية من مدراء ومعلمين. اما عن مهمة المعلم، فعليها ان تتمحور حول ادارة مجموعات بحث، التقليل من التعليم التلقيني، وزيادة راتبه. معلم من هذا القابيل يحتم كونه شخصية تربوية من الدرجة الاولى، مثقفا، ملمًّا بمعرفة كبيرة ويتحلى بقدرات مهنية عالية.
تداخل الاهل ضروري وحيوي كونهم اصحاب الشأن، وعليه يجب اشراكهم، اعلامهم بشكل فوري وشفاف في تحصيل، نجاحات وإخفاقات فبلذات أكبادهم، في الصعوبات والتحديات التي تواجههم.
السلطات المحلية بدورها تُعنى في تقديم الخدمات سيما للشرائح الاجتماعية الضعيفة وتسعى لأخذ الميزانيات المستحقة وتوزعها على المؤسسات التي تحت رعايتها.
هذه المفاهيم اساسية ومبدئية لبناء جهاز تعليم يلائم العصر والاحتياجات ولإدخاله الى مسار نوعي افضل، فرصة كلما انتُهزت اسرع، كلما عادت بالفائدة على الطالب والمعلم، على الجهاز التعليمي والمجتمع ككل والارض خصبة لذلك.
كل ما يحتاجه طفلٌ هو بالغٌ واحدٌ على الأقلّ يؤمن به! -المفتاح للتقدم العلمي هو التنسيق التام بين أضلع المثلث التربوي بقلم: مسعود منصور/عسفيا بعد يومين ستفتح المدارس...
الناصرة | 28.51° - 29.81° | |
حيفا | 30.52° - 31.83° | |
القدس | 26.18° - 28.4° | |
يافا | ° - ° | |
عكا | 30.97° - 32.27° | |
رام الله | 26.11° - 28.33° | |
بئر السبع | 32.32° - 32.32° | |
طمرة | 30.16° - 31.47° |
دولار امريكي | 3.532 | |
جنيه استرليني | 4.9821 | |
ين ياباني 100 | 3.2976 | |
اليورو | 4.3352 | |
دولار استرالي | 2.7053 | |
دولار كندي | 2.7595 | |
كرون دينيماركي | 0.5822 | |
كرون نرويجي | 0.4520 | |
راوند افريقي | 0.2911 | |
كرون سويدي | 0.4211 | |
فرنك سويسري | 3.6777 | |
دينار اردني | 4.9780 | |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 | |
جنيه مصري | 0.1997 |
تنبعث اصوات الابتهالات من كل حدب وصوب بفرح مُعلن وصريح ام ببسمة من بنات الشفاه على إثر هز كيان حزب الله بقياداته وبمعداته. الحزب الذي شكل ذراعاً من الاذرع الأخطبوطية الإيرانية...
وفق النظرية النفسية التي كتبها أبراهام ماسلو عام 1943 والتي عُرفت بسُلَّم او هَرَم ماسلو، الاحتياجات الأساسية التي تحرك الإنسان-المجتمع- تبدأ من الاحتياجات الفسيولوجية، من ثم...