العنف والإجرام لا يولدان من فراغ/ منعم حلبي

قلنا مرارًا، إننا ضد كافة أصناف العنف، الكلامي والجسدي.
لذلك،نحن ضد العمل الذي قام به المعلم السابق محمد أبو القيعان من حورة في النقب، بحيث قام بقتل أربعة أشخاص وبإصابة شخصين اخرين في مدينة بئر السبع.
من جهة أخرى، لا يمكن لنا ان نغض الطرف عما تقوم به الدولة ضد المواطنين العرب، خاصة في النقب:هذا الأسبوع بالذات عادت الدولة وهدمت قرية العراقيب للمرة ال199.
أهذا ليس عنفًا؟!.
الدولة لا تعترف بقرى النقب ولا تقدم لهم الخدمات الأساسية والإنسانية. أهذا ليس عنفًا؟!.
حياة أبناء النقب شبيهة بحياة المواطنين في القرون الوسطى: أهذا ليس عنفًا؟!.
لكل فعل توجد ردة فعل، هكذا هي الحياة.
نحن ضد ممارسات السلطة العنصرية معنا كمجتمع، ضد القوانين العنصرية الجائرة، التي هي بمثابة العنف بذاته.
شخصيًا، تربطني علاقة وطيدة بأهل حورة بالذات، فقمت بالتدريس في عدة مدارس في هذه القرية الوادعة قبل حوالي عقدين.
رأيتُ عن كثب سيرورة حياة المواطنين. من يعيش في مركز وفي شمالي البلاد، لا يعرف عما اتحدث: الأوضاع هناك مزرية لا تُطاق.
هذه الأوضاع الحياتية المزرية، هي احدى المسببات الرئيسية للجنوح والعنف والإجرام.
بصدد الحادث العيني في بئر السبع: رأينا تصرف سائق الباص، الذي حاول ألّا يقوم بإطلاق الرصاص على منفذ العملية.
لكن من جهة أخرى، رأينا ما قام به المواطن الآخر، الذي أطلق رصاصتين على المنفذ، عندما كان الأخير ملقى على الأرض مصابًا.
بعد التحقيق معه، تم الإعفاء عنه!!.
تخيلوا لو كان المشهد عكسيًا، ماذا كان سيحدث مع المواطن العربي!!!.
هذا هو العنف بذاته!.
ما قام به هذا الشخص هو عملية قتل واضحة!.
صدقوني، ان قلبي مع الأمهات والآباء والإخوة والاخوات الذين فقدوا اعز ما يملكون دون سابق إنذار.
من جانب آخر، قلبي مع مجتمعي وأبناء جلدتي في النقب وفي المثلث والجليلين، الذين يذوقون الأمرّين يوميًا جراء العنف المؤسساتي المبرمج اتجاههم.
هذا الأسبوع نُشرت معطيات البطالة في البلاد: المدن والقرى العربية تتصدر-طبعًا- هذه القائمة، بحيث ان نسبة البطالة فيها من أعلى النسب.
البطالة تؤدي الى عنف..الاضطهاد يؤدي الى عنف..التمييز العنصري يؤدي الى عنف...المضايقات اليومية في قضية التخطيط والبناء، فرض الغرامات والهدم على شبابنا هو عنف.
مجتمعنا يعيش تحت وطأة العنف المؤسساتي اليومي.
الحياة اليومية أضحت لا تُطاق، خاصة بعد الكورونا وموجة الغلاء في المعيشة.
العنف والإجرام لا يولدان من فراغ.
نحن نعيش في دولة ولّدت الصراع والنزاع مع الشعب الفلسطيني، تحاصر شعبًا يربو عن مليون شخص، تقوم بأعمال لا تُرضي الله ولا عبيده.
لذلك، على الدولة ان تتوقع مثل هذه العمليات. لاحظتُ من خلال شريط الفيديو، ان منفذ العملية أراد ان ينهي حياته قتلًا بالرصاص، لم يهرب. على ما يبدو، انه فضّل الموت على الحياة.
هذا يحدث مع شخص فقد كل شيء!.
كلي امل أن تقلب هذه الدولة الآية في تعاملها مع المواطنين العرب، عندها، ستتغير الاية أيضًا من الجانب الآخر!.