kolanas - 2021-06-07 10:49:31 -
عدت الى كتاب المفكر السوري العظيم برهان غليون: "اغتيال العقل: محنة الثقافة العربية بين التبعية والسلفية". عدت اليه وكنت قرأته قبل عقدين، لاستعين به لمحاولة فهم الفترة المعقدة والعصيبة التي نمر بها. يقول غليون، وهو عالم اجتماع يدرس في السوربون ومن قيادة المعارضة السورية الوطنية، يقول في ماهية كتابه انها هنالك ازمة في الهوية والوجدان العربي بكونها تتأرجح بين الحضارة الغربية المهيمنة والعودة الى التراث-الدين والتمرس به.
يكتب غليون في هذا السياق:" التناقض الذي يشق الوعي العربي يتشكل بسبب الانجذاب بين قطبين: رفض الغرب لتأكيد الذات، ورفض الذات لتأكيد الحضارة والاندماج فيها". وفي نفس السياق يكتب:" ففي خضم هذه النقاشات تتكون الثقافة العربية، وتتكون لدى العربي صورته الخاصة عن ذاته وعن الآخر، أي عن العالم الذي أصبح الغرب محوره ومركزه. بل تتكون صورته عن ذاته عبر صورته عن الغرب ومن خلالها، فيرى نفسه صغيراً وهامشياً ولا عقلانياً ولا معنى لوجوده من جهة، وعظيماً وفذاً ووريث حضارات وامجاد لا تبلى من جهة أخرى. ويرى الغرب في الوقت ذاته خطراً جاثماً مدمراً، ومقراً لكل الحسنات والقيم والفضائل والإبداعات معاً".
ويكمل غليون ويقول:" متمرداً على هيمنة الغربي التاريخ، أصبح العربي متمرداً على التاريخ في الغرب والعلم، وهكذا بين الخضوع الكامل، والاحتجاج الشامل، ما زال يعيش بين تجريح الذات وتعظيمها، وانكار الآخر وتقديسه، لا قدرة على رفضه ولا رغبة له في تمثيله. هكذا وضع العري امام احراج مأساوي لا مخرج منه، فإما الحفاظ على الذات مع التخلي عن الحضارة والتاريخية والفعالية، أو الانخراط في الحضارة والدخول في العلمية والتاريخ مع التخلي عن الذات. هذا الحراج المأساوي يشق في الواقع وعي العري ويهزه في أعمق اعماقه ويرميه في تعاسة وجودية لا مثيل لها".
ويستطرد غليون ويقول ان اغلب الذين لا يستطيعون التعامل مع هذا الموقف الشائك، مع هذه الضائقة الوجودية يلجأ الى حل الرجوع الى الماضي. الرجوع الى التراث والامجاد والى الاصولية الدينية.
محاولة فهم الواقع من خلال غليون (2)
يستطرد غليون ويقول، ان الازمة الوجودية والوجدانية للمجتمع العربي تفرز حالة من الرفض للغرب وكل ما يأتي به فينبع من ذلك تناقض كالتالي:" في الغرب الحرية الفردية والديموقراطية وحقوق النسان والتنمية المطردة والابداع الروحي والفني، وهنا العنف والإرهاب والقتل الجماعي واحتقار الانسان والاستهتار بحياته وكرامته والمجاعة والتبذير والصراع العنيف بين الطبقات والفئات والعشائر والطوائف والمحلات. أي هنا المدنية وهنا البربرية...ويعيش المجتمع البربري مقاييس عقلية روحية او مادية. ومقياسه الوحيد هو القوة المجردة، أي البطش، الذي ينظم في الاسرة والمدرسة والدولة والمجتمع وعلاقات الافراد والجماعات فيما بينهم".
ويضيف غليون ان ما زاد هذه الازمة وعمقها، بدل ان يسهم في حلها، هي القيادات والانظمة العربية التي حلت مكان الاستعمار فكانت أسوأ منه: "وقد استطاعت الحقبة الاولى للاستقلال ان تغطي على هذه القطيعة بقدر ما كانت تغذي أحلام الازدهار والتنمية والنهضة. لكن لا سيما أدركت الاغلبية الاجتماعية ان النظام الحديث لم يكن شديد الاختلاف عما سبقه، وان النخب الاجتماعية المحلية التي ورثت موقع المستعمرين البيض ودورهم، اخذت شيئاً فشيئاً تسلك مسلكهم وتتزيا بزيهم... ولما بدأت التناقضات التي كانت تنخر هذه الانظمة الحديثة بالتفاقم ثبتت إجراءات القمع العنيفة اللاإنسانية في اذهان الشعب حقيقة هذه القطيعة بين السلطة والشعب وعمقها".
وعندما لم تلقَ والمجتمعات العربية ملاذها وعزوتها بالأنظمة ترجع للتفتيش عن كرامتها وهويتها ووجدانها في الماضي كما يقول غليون:" وجدت الجماعات الشعبية، وهي تبحث لموطئ قدم لها في مقاومتها للعنف، او بالأحرى اكتشفت واعادت اكتشاف الهياكل المجتمعية التقليدية المهجورة الخالية من السلطة، فجعلتها مكمن اسرارها وقاعدة استقلالها ومصدر تجديدها لوحدتها وحياتها. كانت هذه الطر دينية بالأساس لكن ليس فقط، بل كانت ايضاً قبلية وجهوية. هكذا أصبحت الأطر الدينية-التقليدية مصدر الشفاعة ومقر المشاعر الاجتماعية والانسانية التاي تنفيها الدولة والسياسة السوقية".
طبعاً هذا لا يشكل حلاً للمشكلة الأساس، بل هو تهرب من الواقع المرير من خلال الرجوع الى الماضي. في المادة القادمة والاخيرة في هذا المجال سوف اطرح الحل الذي يقترحه غليون للخروج من الازمة.
الحل للازمة الوجدانية بحسب غليون (3)
استكمالاً للمواد التي نشرتها أعلاه عن الازمة الوجدانية عندنا، اقفل هنا بطرح الحل الذي يقترحه غليون لهذه الازمة. يقول غليون ان الحل يكمن بتغيير توجهنا للأمور واعتبار الخيارات ليس هذا او ذاك بل بإمكانية توافقية. أي ان الخيارات يجب ان تكون ليس الغرب او نحن بل الحفاظ على تراثنا وهويتنا وانتقاء المناسب لنا مما يقترحه الغرب.
يقول غليون في ذلك:" لا نعتبر ان هناك من وجهة نظر النهضة تناقضاً بين احياء التراث واستيعاب الحضارة. بل العكس هو الصحيح. ان قدرتنا على الاستيعاب تزداد مع انغرازنا في التراث وتمتعنا بهوية مستقلة وغنية، وان تعمق هذه الهوية يزداد ايضاً بازدياد استيعابنا للحضارة وسيطرتنا عليها. فالمدنية العربية المنشودة ثمرة لهذا الابداع الذي يوحد بين التراث والحضارة ويتجاوزهما في الوقت نفسه. ومن هنا نقول: نأخذ من الحضارة ولا نأخذ بها، ونحيي التراث ولا نحيا به، ونرفض الحلول السهلة، ونرفض التقليد من أي طرف جاء".
ويستطرد غليون ويقول:"... ان حل مسألة الهوية غير موجود في التراث ذاته، وانما في علاقتنا مع التراث ومع العلم ايضاً. ولا يجب ان توظف كل مسألة الهوية في التراث او في الدين، فهذه رؤية انهزامية وانطوائية. الهوية غير ذلك، واوسع من ذلك. انها ابداع المستقبل الفكري والأخلاقي. وهي تعني اعادة تنظيم الحياة الشعورية والعقلية والأخلاقية معاً على ضوء معطيات العصر، والا تحولت الى استلاب من نوع آخر. ان الذاتية تعبر عن نفسها في تطوير التراث، لا في الانحباس فيه. فالتراث يجب ان يكون أداة لتحرر الذات وإطلاق إمكاناتها. وهو رأسمال نستخدمه لتنمية الحاضر ولا قيمة له الا بما هو تراثنا، أي رأسمالنا لمواجهة العصر". وعند هذا الكلام لا حاجة للإضافة والتفسير والتعليق!
شكرًا رنين مشيلح.." لقد سقطت الدالية حين اشتغلت بالوعظ والتدليس والنفاق والكذب على ذاتها بدل أن تقول الحقيقة لأبنائها وبناتها" " سقطت الدالية حين عرفنا وحرّفنا كلّ على طريقته....
الناصرة | 28.11° - 31.07° | |
حيفا | 30.12° - 30.12° | |
القدس | 25.22° - 30.95° | |
يافا | ° - ° | |
عكا | 30.57° - 30.57° | |
رام الله | 25.16° - 30.88° | |
بئر السبع | 33.32° - 34.22° | |
طمرة | 29.76° - 29.76° |
دولار امريكي | 3.532 | |
جنيه استرليني | 4.9821 | |
ين ياباني 100 | 3.2976 | |
اليورو | 4.3352 | |
دولار استرالي | 2.7053 | |
دولار كندي | 2.7595 | |
كرون دينيماركي | 0.5822 | |
كرون نرويجي | 0.4520 | |
راوند افريقي | 0.2911 | |
كرون سويدي | 0.4211 | |
فرنك سويسري | 3.6777 | |
دينار اردني | 4.9780 | |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 | |
جنيه مصري | 0.1997 |
كيف نلخّص عشر سنوات من الخراب؟يوم الثلاثاء ...الدالية ستستردّ روحها وتنهض مرزوق الحلبيفيما يلي محاولة منّي لتلخيص عشر سنوات من الخراب واستشراف الآتي.ـ لا أشكّ من مشاهداتي ومن...
كلمة العدد 956 وصولنا للحضيض لم يأتِ محض الصدفة! -وزارة الداخلية تدافع عن إخفاقات بعض رؤساء مجالسنا بصورة متعمدة -الوزارة تفرض عليهم كافة الإملاءات، مقابل غض الطرف عن الفشل...