ما بين -صمت- الأموات وصمت الاحياء/ بقلم: الشيخ وسيم زيدان

في يوم ذكرى "الشهداء"، تنحني الرؤوس وتدمع العيون. كل أسرة تتذكر من فقدت، وهذا حقّ مقدّس لا يُمسّ. ولكن هل الفقدان يُكرّم في يوم، ويُنسى في سائر الأيام؟!.
ما يؤلم أكثر من الخسارة، هو النفاق الجماعي الذي نمارسه دون أن نشعر. نعيش 364 يومًا في صمت، في لا مبالاة، في تخلٍّ عن كل ما ضحّى به من سبقونا. ثم نرتدي وجه "الوحدة" في اليوم الأخير، ونلوّح بالشعارات، ونُطلق التصريحات... وكأننا شعب يقظ، وواعٍ، ومناضل.
لكن الحقيقة؟ نحن مجتمع مريض!.
قياداتنا، اختاروا أن يكونوا شهود زور على واقعنا. لا يتحركون. لا يحتجون. لا يطالبون بحق. ينتظرون يومًا واحدًا في السنة ليُظهروا انتماءً زائفًا، وينسَوا 364 يومًا من الإهمال، من الظلم، من التخلي عن الناس، عن الشباب، عن الأرض، عن الكرامة.
وأسوأ من ذلك: جعلوا حقوقنا مشروطة. وكأن علينا أن "نثبت ولاءنا" كي نحصل على أبسط حقوقنا.
وأنا أقول بوضوح: حقوقي في هذه البلاد ليست مرتبطة بالخدمة العسكرية!.
أريد حقوقي كاملة، منصفة، كما تُمنح لليهودي، لا أكثر، ولا أقل.
وكذلك
أنا أوافق أن حزن عائلات جنودنا مقدّس، ويجب أن يُبعد عن كل مظاهر السياسة الرخيصة.
لا يجوز أن يُستغل هذا اليوم لصناعة بطولات كاذبة، أو للتغطية على إخفاقات متراكمة في خدمتنا كمجتمع.
ولأولئك الوزراء أو الشخصيات الرسمية التي لا تتذكّرنا إلا في هذا اليوم، وتأتي لتُحاضرنا عن "الوحدة في الممات" لا عن وحدة الحياة ، نسأل:
هل تعرفون ما هو قانون كامينتس؟ هل تعلمون ما تفعله القوانين المجحفة بأهلنا؟.
هل تستطيعون أن تمرروا قانونًا مع حزبكم لإلغاء هذا الظلم؟.
إن لم تستطيعوا، فلا تتحدثوا عن "الوحدة" وأنتم تشرّعون وتشرعنون التمييز.
فالوحدة لا تُبنى على القبور، بل على العدالة في الحياة.
الخدمة العسكرية ليست جوهر المشكلة، ولا مفتاح الحل. مشكلتنا أعمق. نحن لا نملك قيادة حقيقية تعكس وجع الناس. قياداتنا تتحدث بلغة المساومات لا بلغة المبادئ، بلغة المناصب لا بلغة المستقبل.
فلنسأل أنفسنا: هل نريد أن نكون شعبًا يُذكر مرة كل عام؟ أم مجتمعًا يطالب بحقه كل يوم؟ هل نكتفي بالبكاء على من فقدنا؟ أم نحفظ ذكراهم ببناء واقعٍ أكثر عدلاً لأبنائهم من بعدهم؟.
السكوت طوال السنة، ثم الصراخ ليوم واحد، لا يُنتج كرامة، بل يُعمّق تراجعنا".
(الكاتب هو عضو في مجلس دالية الكرمل).