kolanas - 2025-02-22 10:05:58 -
قال عالم الاجتماع الفرنسي بورديو في كتابه "التلفزيون وآليات التلاعب بالعقول"، ان التلفزيون وجميع وسائل الاعلام هي كالسم الهادي والمستتر يخترق عقولنا ويسيطر عليها، دون دراية منا. وأضاف ان وسائل الإعلام أداة من أدوات "العنف الرمزي" الذي تستغله الطبقات الاجتماعية السائدة والمهيمنة، وحيث تقوم بتسييرها خدمة لمصالحها ومكتسباتها.
وعندما ألّف بورديو كتابه قبل ربع قرن عنى بالطبقات الاجتماعية-السياسية السائدة، ضمن البلد نفسه. لكن في أيامنا في عصر التكنولوجيا، عصر المعلومات وشبكات التواصل، فيمكننا التحدث عن طبقات سياسية عالمية تتحكم بالعالم اجمع. وهذه الطبقات بمعظمها تتركز في الرجل الاوروبي الأبيض، وعلى رأسهم "الكاوبوي" الذي غزى أمريكا الشمالية وذبح سكانها المحليين.
يتقدم ويسيطر الرجل الأبيض في العصر الحديث اقتصادياً وعسكرياً، لكنه من اجل تمرسه في السيطرة والحفاظ على تفوقه هو يحاول التحكم بالخطاب السائد، والذي يبرر تفوقه وتحكمه بالآخرين، بل يبرر تفوقه عرقياً وثقافياً وأخلاقياً. وكما يقول الفيلسوف الفرنسي فوكو، فالإنسان من خلال تحكمه في الخطاب "Discourse"، يمؤسس سيطرته ويحافظ عليها.
يعتمد الخطاب الغربي المتغطرس، على البحث الأكاديمي، الادب والفن ووسائل الاعلام، بالأساس. استطاع الغرب السيطرة بواسطة الخطاب، من خلال كذبة العصر- "الموضوعية"- فالرجل الأبيض فرض وجود الموضوعية بالبحث الاكاديمي وبالصحافة، وهو ايضاً قرر ما هي الموضوعية وما هي مقوّماتها. ومن خلال هذا الاحتيال أو "البلطجة" بالعامية، هو أقر ان خطابه هو الموضوعي والصحيح ويحوي الحقيقة، وأن خطاب الآخر الاسيوي أو الافريقي هو غير موضوعي وبالتالي خطاب كاذب، ويعتمد الخيال والغيبيات.
هكذا مثلاً علّل وبرّر الغرب الحركة الكولنيالية التي من خلالها احتل حوالي 85% من باقي العالم. حيث ان الباحثين والصحافة دعمت الفكرة الكاذبة القائلة ان هدف الرجل الابيض، هو احتلال بلدان افريقيا واسيا لصالح السكان هناك، ومن أجل محاولة انتشالهم من تخلفهم ولكي يلحقوا بالغرب وتطوره. ونحن نعرف ماذا كانت الأهداف الحقيقية من خلال الممارسات على ارض الواقع، من استغلال لخيرات العالم الثالث، تشويه هويات الاصلانيين، واعاقة سيرورة تقدمهم وتحضرهم الطبيعية.
قبل حوالي نصف قرن استطاعت الحركات النسوية، حركات افريقية، ومجموعة من المثقفين الباحثين الاحرار الثوريين على انتماءاتهم البحثية والأكاديمية، فضح الغرب واكاذيبه. استطاعوا تفجير كذبة الموضوعية. استطاعوا أن يثبتوا ان كل بحث أكاديمي يبقى رهن بيئته ودفيئته الحضارية، بل يصب في ترسيخ سياسة بلاده. استطاعوا ترسيخ الفكرة ان لا موضوعية، وأن الانسان لا يستطيع ان يكون موضوعياً حتى ان كد في سبيل ذلك واجتهد. واقترحوا طريقة البحث الكيفي التي لا تتستر وراء غطاء الموضوعية وتحاول التشديد على اسماع صوت المظلومين والمقموعين والمهمشين.
ساهم في هذا العمل الإنساني والاخلاقي الثوري، كل من هو سعيد في "استشراقه"، فريري في كلاسكيته" التربية للمقهورين"، فانون في كتابه " معذبو الأرض"، توني موريسون، فانون، بورديو، سفيبك، نوال السعداوي، ميمي وغيرهم.
طبعاً طالت هذه الثورة الاعلام بالطبع، طبيعته ودوره. ومن حينها زعزع "الكتاب المقدس" للصحافة مصطلح الموضوعية، ونقل المعلومة فقط. اليوم بات واضحاً أن لا توجد موضوعية في الاعلام. وإن كل وسيلة اعلام مجندة لجهة او لمجموعة او لأيديلوجية ما. ما يفرق بين الصحافة الصفراء وبين الصحافة الجادة والمحترمة، هو مستوى نزاهتها. أذاً المفتاح السري، بل القاعدة الوطيدة لكل صحافة على انواعها هو النزاهة والصدق في المعلومة والمصداقية في المواقف.
لم يعد أحد يدعي في هذه الأيام الموضوعية، لكن النزاهة ايضاً انعدمت من غالبية وسائل الاعلام. في الفترة الأخيرة اختلط الحابل بالنابل في العالم، وبالأخص في مجال الصحافة. فلا يمكن اعتماد أي خبر في أي وسيلة اعلام بل أصبحت غالبية منابر الاعلام، للترفيه وللإعلانات والتجارة.
رأينا مثلاً في حرب غزة الاخيرة، انحياز الصحافة العبرية-الإسرائيلية بشكل مخجل، حتى لم تعد تفرق بين صحافي وبين الناطق باسم الجيش والحكومة. تلك الصحافة التي تباهت، "بموضوعيتها" وبنزاهتها حتى الفترة الأخيرة، فضحتها هذه الحرب نهائياً. ذاب الثلج وبان المرج. إتضح لمن لم يكن واضحًا لديه حتى الآن ان الصحافة العبرية، تتستر بلباس "الموضوعية" وهي فعلياً تساهم في بناء الخطاب الإسرائيلي وتسنده وتسوّقه، منذ قيام الدولة. خطاب تفوق اليهودي اخلاقياً على اعدائه العرب عديمي الاخلاق والبرابره. في هذه الحرب، سقط هذا الخطاب بمجمله وسقطت الصحافة التي ساهمت في بنائه وتسويقه.
*في النهاية، في سياق آخر قيل تؤلف ولا تؤلفان. وأنا أقول لك اخي منعم، وصلت الى ألف عدد في صحيفتك "كل الناس"، ذلك يعتبر انجازًا عظيمًا، خاصة على الصعيد المحلي في وسطنا العربي. اولاً، أتمنى لك ولعائلتك الصحة وهداة البال والحياة السعيدة. ثانياً أتمنى عليك ترك هذا الكار، فهو في قمة أزمته، وهذه المهنة أصبحت شبه مستحيلة في أيامنا، أيام "الفيك". اما إذا قررت الاستمرار-وهي سوسة صعب التغلب عليها-اتمنى عليك ان تبقى صحافياً نزيهاً، رغم الاغراءات والتعقيدات.
دروز سوريا على المحك!-عملية التقارب من دروز سوريا، هدفها زيادة الانشقاق الداخلي في الدولة السورية-أين كانت الدولة، عندما منعت استمرار مشروع التواصل وعندما "جرجرت" الشيوخ...
الناصرة | 28.51° - 29.81° | ![]() |
حيفا | 30.52° - 31.83° | ![]() |
القدس | 26.18° - 28.4° | ![]() |
يافا | ° - ° | ![]() |
عكا | 30.97° - 32.27° | ![]() |
رام الله | 26.11° - 28.33° | ![]() |
بئر السبع | 32.32° - 32.32° | ![]() |
طمرة | 30.16° - 31.47° | ![]() |
دولار امريكي | 3.532 |
![]() |
جنيه استرليني | 4.9821 |
![]() |
ين ياباني 100 | 3.2976 |
![]() |
اليورو | 4.3352 |
![]() |
دولار استرالي | 2.7053 |
![]() |
دولار كندي | 2.7595 |
![]() |
كرون دينيماركي | 0.5822 |
![]() |
كرون نرويجي | 0.4520 |
![]() |
راوند افريقي | 0.2911 |
![]() |
كرون سويدي | 0.4211 |
![]() |
فرنك سويسري | 3.6777 |
![]() |
دينار اردني | 4.9780 |
![]() |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 |
![]() |
جنيه مصري | 0.1997 |
![]() |
النكبة هي مصطلح فلسطيني يعبّر عن المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره. وهو الإسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم...
ما بين الغضب والموالاة تكمن القضية/ منعم حلبي -مع اقتراب موعد "يوم ذكرى الشهداء" تتباين الآراء في المجتمع المعروفي -ما بين طرد الوزراء وأعضاء الكنيست اليهود، لاستقبالهم...