عن ضرورة حماية الموت والميّت وأهله! مرزوق الحلبي

kolanas - 2022-04-21 11:33:57 -

أكتب هنا ما نقوله لبعضنا كلّ يوم لا سيّما في المآتم وبعدها. فالحاصل في ساحة المآتم صار في جزء منه مُعيبًا ليس للضالعين فيه بل للموت نفسه بوصفه درسًا ومعنى وتأمّلا، ومُسيئا لذوي الميّت كما حصل أمامي هذا الأسبوع في ماتم لقريب لي من الدرجة الأولى.
في تطوّر زاحف علينا نشهد في المآتم ظاهرة انتهازيي الموت أو مستغلّي الموت لأغراض شخصيّة أو سياسيّة.
ـ ما أن ينعقد مأتم حتى يعرف واحدنا مَن سيقف هناك كأّنه الحجّاج ابن يوسف الثقفيّ أو أبو ذرّ الغفاري، وماذا سيقول لنا من كلام مكرور وفارغ من المضمون بين عِظة ومناقب وأخلاقيات مثقوبة. كأن المآتم منصّات مفتوحة للغة ممجوجة مليئة بأخطاء النحو والصرف عدا عن كونها كسيحة لا تستطيع السير خطوة واحدة أبعد من المتحدّث. مثل هؤلاء لا يهمّهم الموت إلّا بوصفه مناسبة كي "يكونوا" على خانة الواعظ والراثي و"المتحدّث المتفلسف".
ـ يُنتج هذا المشهد مشهدًا آخر لا يقلّ بؤسًا وهو أن الكلام الزائد والإنشاءات اللغويّة والاقتباسات من المدوّنة الدينية أو الأدبيّة لا يتصل بالفقيدة أو الفقيدة اللذيْن تتبدّل أسماؤهم في النص الخاوي. وهو ما يُنتج حالة من الإساءة للفقيدة/ة الذين يكونون في واد آخر من التواضع والبساطة والطيبة.
ـ بعض المتحدّثين الذين يفعلون ذلك (ليس كلّهم) بعيدون كلّ البُعد عن كلماتهم المنمّقة. ولأن "حارتنا صغيرة" يعرف الكلّ فيها الكلّ تصير اللعبة مكشوفة. فينجلي أمام الناس كلّها البون الشاسع بين المتحدّث وعظاته، وبين سلوكه الشخصيّ ومواقفه ومسموعاته. نلفي أنفسنا أمام وضع يكون فيه خطاب الرياء والنفاق سيّد الموقف، وإن كان البعض يفعلها من رغبة في الظهور والانتماء للمجتمع ـ وهؤلاء الأقلّ ضررا.
في مستوى أكثر بؤسًا للظاهرة، نشهد ذاك الاستغلال القبيح من السياسيين للمآتم على شكل إقحام أنفسهم فيها واحتلال مكان أهل المأتم. هنا، يتمّ انتهاك المأتم مع سبق إصرار وبقصد قاصد كي يفرض "الرئيس" أو "الشخصية الاعتبارية" أو "الزعيم" نفسه على أهل المأتم. وعادة ما يكون له أعوان/عسكنيم، ييسّرون له ذلك متواطئين غير آبهين لا بالموت ولا بالميّت ولا بأهله. يستغلّون مهابة الموت وخجل أهل الميّت وحساسيّة الموقف ويدوسون بأقدامهم أقدس أقداس العلاقات بين ابن وأمّه وأخ وأخيه ووالد وأحفاده باسم "المؤازرة" أو السعي لإعطاء أهمّيّة للمأتم عبر تجنيد شخصيّة اعتبارية لتأبين الفقيد/الفقيدة. وعادة ما يكون الكلام ثرثرة وللاستهلاك والظهور لا يتناسب مع شخصية الفقيد/ة أو سيرته/ا، في مشهد سرياليّ عجائبيّ يمقته الناس. لقد حصل هذا أمامي هذا الأسبوع بواسطة ثلاثة من العسكنيم ـ وحصل أمامي من قبل وسط تعاون "الرئيس" المنشغل بهذه المسائل طيلة وقته.
هذه المشاهد تتكرّر في الأفراح عندما يتنافس بعضهم على عزيمة روّاد الفرح على عشاء أو عندما يأتي موعد طلوع العروس من بيتها إلى بيت عريسها.
كلّنا نحكي لبعضنا عن قُبح الظاهرة وعن رُخص مُحدثيها. وصار واحدنا يخاف أن يموت ـ وإن كان الموت مصيرنا جميعا ـ كي لا يأتي التافهون ليُعطّلوا موته، وكانوا عطّلوا حياته ونغّصوها بوضاعتهم وسوء إدارتهم للشأن العام، بتفاهتهم وحبّهم للانتقام، فينتحل واحدهم شخصية "صديق" أو "مسؤول" ويُمطر ذكرانا وموتنا بكلام لا يعدو كونه هراءً وتفاهة.
لا شكّ أننا أمام هذا المشهد البائس صرنا بحاجة إلى حماية الموت من تسيّب التافهين ووضاعة "العسكنيم".
من هنا أهيب بالأهل الذين يُنكبون بموت عزيز أن يطلبوا (وهذا حقّهم) عدم تحويل مآتمهم ـ أو أفراحهم ـ إلى منصّة للتفاهة والكلام الذي نحن في غنى عنه. وكان المجتمع الألماني قد صكّ مثلًا شعبيًّا بهذا المعنى في وصف الكلام التافه ترجمته الدلاليّة: كالكلام على قبر مفتوح ـ يعني، كلامًا كلّه كذب، لا تعويل عليه ولا معنى فيه.
والعقل وليّ التوفيق!


1
كلام سليم وفي الصميم. قطعا هناك من يشهد وهو لا يعرف ولا له علاقة مع الميت سو الحديث واظاهر الذات. فكم بالحري اذا كان الشاهد مشبوه في اخلاقه وقيمة ويعطي لنفسه حق قول الحق في انسان لا يعرفه عنه شيئ عدا حب الظهور.

في النهايه هؤلاء شاهد ما شفش حاجة ولا يعرفون حاجة سوى تصفيط الكلام واظهار المقدرة الانشائيه.
شاهد على كل حاجه. - - 2022-04-22 10:35:07
2
اخ مرزوق كلام سليم كل الاحترم الك ظايفه عيشه على المقلة ولحكي الفاظي
ابن البلد - - 2022-04-22 10:56:04
3
لعل وعسى وتقع هذه الكلمات على اذان صاغية في مجتمعنا !!!.
للاخ مرزوق كل التقدير - - 2022-04-22 14:49:43
4
اخي مرزوق الله ايكثر من امثلك لانك صاحب راءي وتقول الحقيقه هاذا ما ينقصنا للي كتبته زد الى ذلك التفرقه الموجود بين ميت وميت وانت تعلم جيدا ما اقصد لازم انغير الواقع بس في الالفه واامحبه لبعض
ابن الداليه - - 2022-04-23 21:15:19

ما هو رأيك بتحقيقات نتانياهو

اهنئ الممثل سعيد سلامه في نجاحه في وسط البنتوميم

2023-01-17 04:48:20 - جوني صباح - فنلندا

نهنئ ابنتنا الغالية هزار على حصولها شهادة المحاماة بامتياز والى الامام

2023-01-06 12:59:35 - هناء وعامر غضبان - دالية الكرمل
إضف إهداء
الناصرة28.11° - 31.07°
حيفا30.12° - 30.12°
القدس25.22° - 30.95°
يافا° - °
عكا30.57° - 30.57°
رام الله25.16° - 30.88°
بئر السبع33.32° - 34.22°
طمرة29.76° - 29.76°
دولار امريكي3.532
جنيه استرليني4.9821
ين ياباني 1003.2976
اليورو4.3352
دولار استرالي2.7053
دولار كندي2.7595
كرون دينيماركي0.5822
كرون نرويجي0.4520
راوند افريقي0.2911
كرون سويدي0.4211
فرنك سويسري3.6777
دينار اردني4.9780
ليرة لبناني 100.0233
جنيه مصري0.1997
مواقع صديقة
karmel
hlake
العنوان
شوفو
kolanas
hawak
almadar
مواقع قطرية
بانيت
بكرا
وين
arab 48
الصناره
العرب
الشمس
جولاني
فلسطينيو 48
مواقع رياضيه
ספורט 1
sport2
ספורט 5
توتو وينر
موقع ريال مدريد
برشلونه
espn
fox sport
algazeera sport
مواقع عبرية
ynet
walla
ישראל היום
mako
hadashot 10
גלובס
m3rev
tapoz
haretz
شبكات اجتماعيه
facebook
احلام
twitter
my spaes
לב מי
חברה כולם פה
linked in
מקושרים
ماي اصحاب
عربيه عالميه
العربيه
اليوم السابع
الاهرامات
صحيفة القدس
الشرق الأوسط
النشره
الجزيره
بي بي سي
مونتيكارلو
مواقع ترفيهيه
youtube
metacafe
mawale
نكت
طرب
shahed
yahoo tv
rekza
ترفيهيه
مواقع أطفال
كرتون نيتورك
הוף משחקים
זולו משחקים
عيادة طب الأطفال
365 משחקים
براعم
y8
نيكولوديون
ام بي سي اطفال
اتصالات
סלקום
orang
פלאפון
גולאן טלקום
הוט
ניטוויזין
בזק
mirs
yes
بنوك ومصارف
בנק לאומי
بنك هبوعليم
بنك ديسكونت
מזרחי טפחות
البنك العربي الاسرائيلي
مركنتيل
אוצר החייל
בנק הדואר
בנק ירושליים
مشتريات
yad2
buy2
ערוץ הקניות
עודף
סלונהה
get it
אולסייל
זאף
פי 1000